وانحرف مزاجي عن الصحّة فدخلت دار أختي فهي تمرّضني وافترشت لي فراشا في حجرة وكانت لها أمة بديعة الجمال تدخل عليّ وكانت تمرّضني ، فلمّا صلح حالي هممت بها ومالت نفسي إليها فدعوتها في حجرتي فطلبت منها ما أريد ، قالت : يا سيّدي ، أنا في عادة النساء رأيت الدم فاحترز عنّي. فقلت لها : لا بأس ، وكنت في تلك الحالة لا أرى شيئا من شدّة الشبق فواقعتها وهي حائض ، فلمّا علمت بذلك أختي ورأت أثر الحمل بها وهبتنيها فولدت لي هذا ـ وأشار إلى دلف ـ وقال : بغضه لعليّ بن أبي طالب لا غرو منه لأنّه ولد حيض وزنية. فتغيّر لون دلف وغضب غضبا شديدا وكان ينتظر الفرصة ليقتل أباه.
وقال اليافعي في مرآة الجنان في حوادث خمس وعشرين ومائتين : وفيها توفّي الأمير أبو دلف القاسم بن عيسى العجلي صاحب الكرج أحد الأبطال المذكورين والأجواد المشهورين ، وهو أحد أمراء المأمون ثمّ المعتصم ، وله وقايع مشهورة وصنايع مأثورة ، أخذ عنه الأدباء والفضلاء ، وله صنعة في الغناء ـ ثمّ ساق الكلام مثل ما في ابن خلّكان إلى أن قال : ـ وكان أبو عبد الله أحمد بن أبي صالح مولى بني هاشم أسود سيّئ الخلق وكان فقيرا ، فقالت له امرأته : يا هذا ، إنّ الأدب أراه قد سقط نجمه وطاش سهمه فاعمد إلى سيفك ورمحك وفرسك وادخل مع الناس في غزواتهم عسى الله أن ينفعك من الغنيمة شيئا ، فأنشد شعرا «مالي ومالك قد كلّفتني شططا» إلى آخر الأبيات التي تقدّم ذكرها آنفا.
قال : واستنشد أبو دلف أبا تمام القصيدة التي رثى بها محمّد بن حميد بن قحطبة الطائي ، فلمّا بلغ قوله :
توفّيت الأعمال بعد محمّد |
|
وأصبح في شغل عن السفر السفر |
وما كانت الآمال من قلّ ماله |
|
وذخرا لمن آوى وليس له ذخر |
تردّى ثياب الموت حمرا فما أتى |
|
لها الليل إلّا وهي من سندس خضر |