قال : وعن أبي هفّان إنّه قال : كان لأبي دلف العجلي جارية تسمّى جنان ، وكان يتعشّقها ، وكان لفرط فتوّته وظرفه يسمّيها صديقتي ، فمن قوله فيها :
أحبّك يا جنان وأنت منّي |
|
مكان الروح من جسد الجبان |
ولو أنّي أقول مكان روحي |
|
خشيت عليك بادرة الزمان |
لأقدامي إذا ما الخيل كرّت |
|
وهاب كماتها حرّ السنان |
قال : وعن إدريس بن معقل إنّه قال : اجتمع على باب أبي دلف جماعة من الشعراء فمدحوه فتعذّر عليهم الوصول إليه وحجبهم حياء لضيقة نزلت به ، فأرسل إليهم خادما له يعتذر إليهم ويقول : انصرفوا في هذه السنة وعودوا في القابل فإنّي أضعّف لكم العطيّة وأبلّغكم الأمنية ، فكتبوا إليه :
أي هذا العزيز قد مسّنا الد |
|
هر بضرّ وأهلنا أشتات |
وأبونا شيخ كبير فقير |
|
ولدينا بضاعة مزجاة |
قلّ طلّابها فبارت علينا |
|
وبضاعاتنا بها الترّهات |
فاغتنم شكرنا وأوف لنا الكيل |
|
وتصدّق علينا فإنّنا أموات |
فلمّا وصل إليه الشعر ضحك وقال : عليّ بهم ، فلمّا دخلوا قال : أبيتم إلّا أن تضربوا وجهي بسورة يوسف ، فو الله إنّي لمضيّق ولكنّي أقول كما قال الشاعر :
لقد خيّرت إنّ عليك دينا |
|
فزد في رقم دينك واقض ديني |
يا غلام ، اقترض لي عشرين ألفا بأربعين وفرّقها فيهم.
انتهى ما لخّصناه من تاريخ الخطيب.
وفي وفيات الأعيان لابن خلّكان : إنّ بكر بن نطاح مدح أبا دلف وفيه يقول :
يا طالبا للكيمياء وعلمه |
|
مدح ابن عيسى الكيمياء الأعظم |
لو لم يكن في الأرض إلّا درهم |
|
ومدحته لأتاك ذاك الدرهم |
ويحكى إنّه أعطاه على هذين البيتين عشرة آلاف درهم فأغفله قليلا ، ثمّ دخل