وأرزاق الناس من حيث لا يحتسبون ، قال : هذا يقع كثيرا ، فمنه قول ابن أبي فنن في أبيات عملها المعنى أراده :
مالي ومالك قد كلّفتني شططا |
|
حمل السلاح وقول الدارعين قف |
أمن رجال المنايا خلتني رجلا |
|
أمسى وأصبح مشتاقا إلى التلف |
يمشي المنون إلى غيري فأكرهها |
|
فكيف أسعى إليها بارز الكتف |
أم هل حسبت سواد الليل شجّعني |
|
أو أنّ قلبي في جنبي أبي دلف |
فبلغ هذا الشعر أبا دلف فوجّه إليه أربعة آلاف درهم جاءته على غفلة.
وقال بسنده عن أبي تمام الطائي يقول : دخلنا على أبي دلف أنا ودعبل بن عليّ وبعض الشعراء ـ أظنّه عمارة ـ وهو يلاعب جارية بالشطرنج ، فلمّا رآنا قال : قولوا :
ربّ يوم قطعت لا بمدام |
|
بل بشطرنجنا نجيل الرخاخا |
ثمّ أجيزوا. فبقينا ينظر بعضنا إلى بعض ، فقال : لم لا تقولون :
وسط بستان قاسم في جنان |
|
قد علونا مفارشا ونخاخا |
وحوينا من الظباء غزالا |
|
طريا لحمه يفوق المخاخا |
فنصبنا له الشباك زمانا |
|
ونصبنا مع الشباك فخاخا |
فأصدناه بعد خمسة أشهر |
|
وسط نهر يشخّ ماه شخاخا |
قال : فنهضنا عنه ، فقال : إلى أين؟ مكانكم حتّى نكتب لكم بجوائزكم. فقلنا : لا حاجة لنا في جائزتك ، حسبنا ما نزل بنا منك اليوم ، فأمر بأن تضعف لنا.
قال : وعن إبراهيم بن الحسن بن سهل أنّه قال : كنّا في موكب المأمون فترجّل له أبو دلف ، فقال له المأمون : ما أخّرك عنّا؟ فقال : علّة عرضت لي. فقال : شفاك الله وعافاك ، اركب ، فوثب من الأرض على الفرس ، فقال له المأمون : ما هذه وثبة عليل. فقال : بدعاء أمير المؤمنين شفيت.