العظيمة ببغداد يجتمع أهلها إليه كاجتماعهم إلى بعض أعيادهم ولا يبق أحد من أهل تطرب واللعب إلّا خرج إليه ويتنافسون فيما يظهرونه هنالك من زيّهم ، ويباهون بما يعدّونه لقصفهم ، ويعمرون أكناف الشطّ وديره وحاناته ، ويضربون لذوي البسطة منهم الخيم والفساطيط ، وتعزف عليهم القيان ، ويظلّ كلّ إنسان مشغولا بأمره ومكبّا على لهوه ، فهو أعجب منظر وأطيب مشهد وأحسنه ، ولجحظة فيه :
سقيا لأشموئي ولذّاتها |
|
والعيش فيما بين جنّاتها |
سقيا لأيّام مضت لي بها |
|
ما بين شطّيها وحاناتها |
الأبيات. وللثرواني فيه :
اشرب على قرع النواقيس |
|
في دير أشموئي بتغليس |
لا تخف كأس الشرب والليل في |
|
حدّ نعيم لا ولا بوس |
الأبيات.
٣٨ ـ دير سابر
هذا الدير في الجانب الغربي من دجلة. ولفظ سابر سريانيّة وهو فقد تكون من سيرا بمعنى الرجاء والأمل والثقة والاتكال أو سبرتا بمعنى البشرى أو سيبرتا بمعنى الصبر والاحتمال ، وهي عامرة نزه كثيرة البساتين والفواكه والكروم والحانات والخمّارين ، معمورة بأهل الطرب والشرب وهو موطن من مواطن الخلعاء ، وللحسين ابن الضحّاك فيه :
في دير سابر والصباح يلوح لي |
|
فجمعت بدرا والصباح وراحا |
أقول : له فيها أشعار في نهاية الخلاعة والمجون تركناها. فيا حسرة لهذا العمر