٣٤ ـ دير الثعالب
هذا الدير ببغداد بالجانب الغربي منها ، بالموضع المعروف بباب الحديد ، وأهل بغداد يقصدونه يتنزّهون فيه ، ولا يكاد يخلو من قاصد وطارق ، وله عيد لا يتخلّف عنه أحد من النصارى والمسلمين ، وباب الحديد أعمر موضع ببغداد وأنزهه لما فيه من البساتين والشجر والنخل والرياحين ، ولتوسّطه وقربه من كلّ أحد ، فليس يخلو من أهل البطالات ، ولا يخلو به أهل التطرّب واللذّات ، فمواطنه أبدا معمورة ، وبقاعه بالمتنزّهين مشحونة ، ولابن دهقانة الهاشمي فيه :
دير الثعالب مألف الضّلال |
|
ومحلّ كلّ غزالة وغزال |
كم ليلة حيّيتها ومنادمي |
|
فينا أبح مقطع الأوصال |
سمح يجود بروحه فإذا مضى |
|
وقضى سمحت له وجدت بمال |
ومنعم دين ابن مريم دينه |
|
غبج يشوب مجونه بدلال |
وسقيته وشربت فضلة كأسه |
|
فشربت من عذب المذاق زلال |
٣٥ ـ دير الجاثليق
يقرب من باب الحديد وهو دير كبير حسن نزه ، تحدق به البساتين ، قتل عنده إبراهيم بن مالك الأشتر النخعي وأحرق وهو بقرب دجيل والأشجار والرياحين ، وهو يوازي دير الثعالب في النزهة والطيب وعمارة الموضع لأنّهما في بقعة واحدة وهو مقصود مطروق لا يخلو من المتنزّهين فيه والقاصدين له ، وفيه رهبانته فتاته ومن يألفه من أهل الخلاعة والبطالة ، ولمحمّد بن أميّة الكاتب فيه :
لهفي على قمر في الدار مسجون |
|
في صورة الإنس في مكر الشياطين |
والله ما أبصرت عيني محاسنه |
|
إلّا خرجت له طوعا من الدين |