وحوله بساتين وأشجار ونخل والموضع حسن نزه العمارة ، آهل بمن يطرقه وبمن فيه من رهبانه وعيدا لفصح ببغداد فيه منظر عجيب لأنّه لا يبقى نصرانيّ إلّا حضره وتقرّب فيه ، ولا أحد من أهل التطرّب واللهو من المسلمين إلّا قصده للتنزّه فيه ، وهو أحد متنزّهات بغداد المشهورة ، ومواطن القصف المذكورة ، ولمحمّد بن عبد الملك الهاشمي فيه :
ولربّ يوم في سمالوا ثمّ لي |
|
فيه السرور وغيّبت أحزانه |
وأخ يشوب حديثه بحلاوة |
|
يلتذّ رجع حديثه ندمانه |
جعل الرحيق من المدام شرابه |
|
والمحسنات من الأوانس شانه |
بكرت عليّ به الزيارة فاغتدى |
|
طربا إليّ وسرّ في إتيانه |
فأمرت ساقيا وقلت له اسقنا |
|
قد حان وقت شرابنا وأوانه |
فتلاعبت بعقولنا نشواته |
|
وتوقّدت بخدودنا نيرانه |
حتّى حسبت لنا البساط سفينة |
|
والدير ترقص حولنا حيطانه |
ولأبي الهيثم خالد بن يزيد الكاتب فيه :
يا منزل القصف في سمالو |
|
مالي عن طيبك انتقال |
واها لأيّامك الخوالي |
|
والعيش صاف بها زلال |
تلك حياة النفوس حقّا |
|
وكلّ مادونها محال |
أقول : شابشتي أطنب في هذا المقام من أمثال هذه الأبيات فاستيقظ يا أخي فلا تكن مثل ما هم عليه واخرج من غفلتك وحاسب نفسك قبل يوم الحساب ، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلّا من أتى الله بقلب سليم ، واحذر من نار قعرها بعيد ، وعذابها جديد ، ومقامعها حديد ، وشرابها سديد ، وفي ذلك اليوم لا حقّ يوهب ، ولا معذرة تقبل ، ولا ذنب يغفر ، ولا بكاء ينفع ، إنّ العمر متجر مربح ، فكن على بصيرة من أمرك.