أيضا نحو الجنوب فيمر من خان الزبيب وقلعة القطرانة وقلعة الحسا وجروف الدراويش وفيها قصر روماني بديع. ويجتاز بقلعة عنزه وتقطن فيها أحيانا قبيلة عنزة المؤلفة من ٧٠٠٠ نسمة. وبعد قلعة الحسا تبدأ الأرضون التي تنزل فيها قبيلة الحويطات. ثم يصل الخط إلى معان المرتفعة ١٠٧٤ مترا عن سطح البحر. وهذه المدينة هي النقطة الوسطى للخط الحجازي ، لأنها تبعد عن طرفيه على أبعاد متساوية والمحطة تبعد كيلو مترين عن مدينة معان ، وفي هذه المحطة أبنية عديدة للسكة الحجازية. وبفضل وصول الخط الحديدي إلى تلك البقاع استتب الأمن فيها وبدأت الحياة الزراعية تظهر شيئا فشيئا. وقد تحضر قسم من البدو وأصبحت تلك الديار في قبضة الحكومة العثمانية بعد أن كانت تابعة لها بالاسم فقط بحيث أن أحد شيوخ البدو المدعو محمد جهل كتب إلى بيير لوتي الكاتب الفرنسي المشهور سنة ١٨٩٤ «بسم الله الذي هو الكل ولا باسم سلطان القسطنطينية الذي ليس بشيء».
وكان قصد القائمين بهذا المشروع الجليل إنشاء فرع للخط بين مدينة معان والعقبة لتقريب المواصلات بين البحر الأحمر والديار المصرية من جهة وبين الخط الحجازي من جهة أخرى ، ولكنهم لم يرغبوا يومئذ في صرف جهودهم في غير الخط الأساسي لأن غايتهم كانت الوصول إلى الأرض المقدسة في أقرب وقت.
يتجه الخط بعد معان نحو الجنوب الشرقي فتلتف حوله الصحراء من جديد ويبتعد عن البحر الأحمر ثم يصعد العقبة الحجازية أو الشامية المرتفعة ١١٥٠ مترا عن سطح البحر. وهذه النقطة هي المفرق الطبيعي للمياه التي تسيل إلى البحر المتوسط والبحر الأحمر. ثم يهبط الخط نحو ملعب بطن الغول المحفور في الصخور الرملية ذات الألوان العديدة المختلفة. وهذه البقعة من أجمل البقاع الطبيعية. وقد يضع السكان هذه الرمال الملونة في القوارير ويبيعونها من الحجاج تذكارا لهذه البقاع. وبعد ذلك يصل الخط إلى محطة المدورة فتنتهي حدود قبيلة الحويطات ، وتبتدئ منازل قبيلة بني عطية. وكان وصول هذا الخط إلى هذه البلدة سنة ١٩٠٦ وهي تبعد ١١٤ كيلو مترا عن معان. وكان (٥ ـ ١٢)