ومن الكنايات (كأين) وإنما بنى ؛ لأن كاف التشبيه دخلت على (أي) و (أي) وإن كان في الأصل معربا لكنه انمحى عن الجزئين معناهما الإفرادي وصار المجموع كاسم مفرد بمعنى (كم) الخبرية فصار كأنه اسم مبني على السكون إذ آخره نون ساكنة كما في (من) لا تنوين تمكن ولهذا يكتب بعد الياء نون مع أن التنوين لا صورة (١) لها في الخط فمرتبته في البناء منحطة عن أخواتها (٢) فلذلك لم (٣) يذكره المصنف معها.
(ف : (كم) الاستفهامية) (٤) المتضمنة معنى الاستفهام (مميزها) الذي يرفع الابهام عن جنس المسؤول عنه.
(منصوب) (٥)
__________________
ـ الجملة من مبني الأصل ويصح أن يقال أنه وقع غير مركب ؛ لأنه لما كان حكاية عن الجملة تعذر وقوعه مركبا فإنه إنما تركيب الجمل من حيث كونه جملا فلا يقتضي إعرابا انتهى والوجه الثاني ظاهر أما الوجه الأول فمبني على أن الجملة من مبني الأصل كما عد بعضهم. (وجيه).
(١) دليل على كتابتها بالنون علامة على عدم كونها تنوينا ، يعني : أن كتابة النون بعد الياء علامة على أن تلك النون الساكنة بتنوين ؛ لأنها لو كانت تنوينا لم تكتب على صورة النون ؛ لأنه لا صورة للتنوين.
(٢) كما أن أصلها الإعراب وتخلف في بيانه بأن جعل تنوينه بمنزلة النون. (وجيه).
(٣) وهذا إشارة إلى أن رفعه للإبهام إنما هو عن الجنس الذي سئل عنه يعني أن المسؤول عنه من أي : جنس ملك أم انس أو جن رجل أو امرأة. (شرح الشرح).
(٤) الفرق بين كم الاستفهامية وكم الخبرية أن كم الاستفهامية لعدد مبهم عند المتكلم معلوم عند المخاطب في ظن المتكلم وكم الخبرية لعدد مبهم عند المخاطب ربما يعرفه المتكلم وأما المعدود فهو مجهول في كليهما فلهذا احتيج إلى المميز المبين للمعدود ولا يحذف إلا الدليل وأن الكلام مع الخبرية يحتمل الصدق والكذب بخلافه مع الاستفهامية وأن المتكلم مع الخبرية لا يستدعي من مخاطبه جوابا ؛ لأنه مخبر والمتكلم بالاستفهامية يستدعيه ؛ لأنه مستخبر وغير ذلك مما هو مذكور في مغني اللبيب وغيره.
(٥) وقد جاء الجر في المميز إذا كانت كم مجرورة كما في مسألة الكتاب على كم جذع بينك مبني أي : مائة جذع أو ألف جذع قصدا للتطابق بين كم وبين مميزها ثم ذلك بإضافة كم إليه عند الزجاج وحمله الخليل وسيبويه على تقدير من وإبقاء عملها وقولهما : أولى ؛ لأنه قد كانت بمنزلة عدد ينصب ما بعده ولو حففت بها مرة ما بعدها ونصب أخرى لزم تفضيل الفرع على الأصل وأما نحو قوله : (كم لك غلمانا) فالمخبر فيه محذوف وانتصاب غلمانا على الحال أي : كم شخصا أو نفسا لك حال كونها غلمانا. (عوض أفندي).