(ولا وبل ولكن) هذه الحروف الثلاثة (لأحدهما معينا) أي : لنسبة الحكم إلى أحد من الأمرين المعطوف والمعطوف عليه على التعيين. فكلمة (١) (لا) لنفي الحكم الثابت للمعطوف عليه عن المعطوف.
فالحكم هاهنا للمعطوف عليه لا للمعطوف ، نحو : (جاءني زيد لا عمرو) فحكم المجيء فيه لزيد لا لعمرو.
وكلمة (بل) بعد الإثبات لصرف الحكم (٢) عن المعطوف عليه إلى المعطوف نحو : (جاءني زيد بل عمرو) أي : بل جاءني عمرو ، فحكم المجيء فيه للمعطوف دون المعطوف عليه على عكس (لا).
والمعطوف عليه في حكم المسكوت غنه ، فكأنه لم يحكم عليه بشيء ، لا بالمجيء ولا بعدمه.
والإخبار الذي وقع منه لم يكن بطريق القصد (٣) ، ولهذا صرف عنه بكلمة (بل) (٤)
__________________
(١) قوله : (فكلمة لا) فلا تجيء إلا بعد الإثبات اللفظي والمعنوي نحو : ما زال زيد قائما لا قاعدا ولا تعطف إلا الاسم وعطف المصنف دونها نادر. (سيالكوني).
(٢) قوله : (لصرف الحكم) هذا التفصيل في عطف المفرد على المفرد ببل وأما في عطف الجملة على الجملة للإضراب أما بالإبطال نحو : (وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ)[الأنبياء : ٢٦ :] أي : بل هم مكرمون وأما الانتقال من غرض إلى آخر نحو : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا)[الأعلى : ١٤ ـ ١٦] وهي في ذلك كله حرف ابتداء عاطفة على الصحيح كذا في المعنى فلذا لم يتعرض الشارح ويجوزان يوافق ما بعدها لما قبلها إثبات أو نفيا قال الله تعالى : (أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ)[النحل : ٥٥] وقال الله تعالى : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ)[السجدة : ٣]. (س).
ـ أي : ذكر لم يكن مهما أو كان خطأ أو عمدا أو سهوا وليس المراد أنه وقع لا بطريق القصد. (س).
(٣) فإنه لو كان المقصود إثبات الحكم المجيئة إليها لقال جاءني زيد وعمرو ولو كان نفيه عن الأول لقال لم يجيء زيد بل عمرو الحكم الأول بالوجهين ثم شرع في استعمال الثاني لها فقال وأما كلمة. (أيوبي).
(٤) أي : في كون الأول في حكم السكوت عنه كما في الإثبات وفي كونه محكوما عليه بالنفي. (محرم).