في منى ، عند سفح
جبل عال ، يشيرون إلى المكان الذي أراد فيه إبراهيم ، عملا بمشيئة الله ، أن يضحي
له بابنه الوحيد (واسمه إسماعيل ، كما يقول العلماء المسلمون) ، الذي جلب الملاك
حملا عوضا عنه ، ويشيرون إلى الحجر الذي انشق عند ما رمى إبراهيم سكينة التي لم تطاوعه
؛ وعلى ذكرى هذه الأحداث ، يذبح الحجاج هنا الخرفان على سبيل تقديم الضحية ويصلون
عند الحجر المذكور. ومع تقديم الأضاحي. يقص الحجاج أو يحلقون قسما آخر من شعر
رؤوسهم ، ويخلعون ثياب الاحرام نهائيّا ويرتدون البستهم العادية.
وفي اليوم نفسه
يتوجه بعض الحجاج إلى مكة ليقوموا بالطواف الثالث والسعي الثاني ، ولكن أغلبية
الحجاج تؤجل هاتين الشعيرتين حتى العودة من منى.
في شارع منى توجد
ثلاث نقاط معلّمة باعمدة حجرية بيضاء ومحاطة بحائط واطيء ، رمى منه إبراهيم ، كما
تقول الأسطورة ، حجرا على الشيطان حين رآه. وعلى ذكرى هذا الحدث ، يرمي الحجاج
أثناء تلاوة الابتهالات إلى الامكنة المذكورة عددا معينا من الحصي الصغيرة التي
سبق أن جمعوها قرب المزدلفة.
ونحو مساء اليوم
الثاني عشر ، يعود جميع الحجاج إلى مكة ويبدأون يستعدون للرحيل ؛ وقبل الرحيل
يقومون بالطواف الأخير ، طواف الوداع. وبهذا تنتهي جميع شعائر الحج الذي يتوافد
لأدائه مئات الآلاف من المسلمين من شتى ديارهم. ومن المدهش أن هذه الشعائر لا
تنطوي على أي شيء خاص بالإسلام أو بمؤسسه ؛ فعي جميعها شعائر عبادة العرب القديمة
، من العصر الجاهلي ، وقد دخلت بكليتها في الدين الجديد.
وهناك شعيرة أخرى
غير الزامية تؤدى في مكة في أي وقت كان من السنة ، وبصورة مستقلة تماما عن الحج ؛
وهذه الشعيرة يعهد الحجاج