عبد الله بن عروة أن عمير بن جرموز مرثد (١) عمرو بن جرموز (٢) أتى (٣) مصعبا حتى وضع يده في يده فقذفه في السجن ، وكتب إلى عبد الله بن الزبير فذكر له ، فكتب إليه : أن بئس ما صنعت ، أظننت أني قاتل أعرابيا من بني تميم بالزبير؟ خلّ سبيله ، فخلاه. حتى إذا كان ببعض السواد لحق بقصر من قصوره عليه رخّ (٤). ثم أمر إنسانا أن يطرحه عليه فطرحه عليه فقتله وكان قد كره الحياة لما كان يهوّل عليه ، ويرى في منامه ، وذلك دعاه إلى ما فعل. وهو في حديث سالم.
أخبرنا أبو محمد هبة الله بن محمد بن طاوس ، أنا محمد بن علي بن الحسن ، أنا علي بن محمد بن عبد الله بن محمد بن صفوان ، نا عبد الله بن محمد بن عبيد ، حدثني محمد بن سهل الأسدي ، حدثني يعقوب بن سليمان الهاشمي ، حدثني شيخ من موالينا قال : ـ قال محمد : ثم رأيت الشيخ فسألته فحدثني به قال ـ كنت يوما مع قوم فتذاكرنا أمر علي وطلحة والزبير فكأني نلت من الزبير ، فلما كان في الليل أريت في منامي كأني انتهيت إلى صحراء واسعة ، فيها خلق كثير عراة ، رءوسهم رءوس الكلاب ، وأجسادهم أجساد الناس ، مقطّعي الأيدي والأرجل من خلاف ، فيهم رجل مقطوع اليدين والرجلين ، فلم أر منظرا أوحش منه ، فامتلأت رعبا وفزعا. قلت : من هؤلاء؟ قيل : هؤلاء الذين يشتمون أصحاب محمد ، قلت : ما بال هذا (٥) من بينهم مقطوع اليدين والرجلين؟ قيل هذا أعلاهم في شتم علي عليهالسلام ، قال : فبينا أنا كذلك إذ رفع لي باب فدخلته ، فإذا درجة فصعدتها إلى موضع واسع ، وإذا رجل جالس حواليه جماعة ، قيل لي : هذا النبي صلىاللهعليهوسلم فدنوت منه ، فأخذت بيده ، فجذب يده من يدي ، وغمز يدي غمزة شديدة ، وقال : تعود؟ فذكرت ما كنت قلت في الزبير ، فقلت : لا والله يا رسول الله لا أعود إلى شيء من ذلك ، قال : فالتفت عليهالسلام إلى رجل خلفه فقال : يا زبير ، قد ذكر أنه لا يعود فأقله. قال : قد أقلته يا رسول ، قال : فأخذت يده فجعلت أقبلها وأبكي ، وأضعها على صدري. قال : فانتبهت ، وإنه ليخيل إليّ أني أجد بردها في ظهري.
__________________
(١) كذا ، ما بين الرقمين بالأصل.
(٢) كذا ، ما بين الرقمين بالأصل.
(٣) بالأصل : «أبي» والمثبت عن سير الأعلام.
(٤) كذا بالأصل ، وفي سير الأعلام : «أزجّ».
(٥) بالأصل : هؤلاء. والصواب عن مختصر ابن منظور ٩ / ٢٩.