ـ يعني ابن جرموز ـ يا فلان ، فأتياه فأكبّا عليه فناجاهما ساعة فلما (١) انصرفا ثم جاء عمرو بن جرموز بعد ذلك إلى الأحنف فقال : أدركته في وادي السباع فقتلته ، فكان قرّة [بن] الحارث يقول : والذي نفسي بيده إن (٢) صاحب الزبير الأحنف.
قال ابن سعد (٣) : قالوا : خرج الزبير بن العوام يوم الجمل وهو يوم الخميس لعشر ليال خلون من جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين بعد القتال على فرس له يقال له ذو الخمار منطلقا يريد الرجوع إلى المدينة ، فلقيه رجل من بني تميم يقال له النّعر بن زمّام المجاشعي بسفوان فقال له : يا حواريّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم إليّ فأنت في ذمتي ألّا يصل إليك أحد من الناس ، فأقبل معه ، وأقبل رجل من بني تميم آخر إلى الأحنف بن قيس فقال له فيما بينه وبينه : هذا الزبير في وادي السباع ، فرفع الأحنف صوته فقال : ما أصنع وما تأمرني إن كان الزبير لفّ بين غارّين من المسلمين قتل أحدهما الآخر. ثم هو يريد اللحاق بأهله ، فسمعه عمير بن جرموز التميمي ، وفضالة بن حابس ونفيع (٤) بن حابس التميمي ، فركبوا أفراسهم في أثره فلحقوه فحمل عليه عمير بن جرموز فطعنه طعنة خفيفة ، فحمل عليه الزبير فلما ظن أن الزبير قاتله دعا يا فضالة ، يا نفيع ثم قال : الله الله يا زبير ، فكفّ (٥) عنه ثم سار فحمل عليه القوم جميعا فقتلوه ، وطعنه عمير بن جرموز طعنة أثبتته فوقع فاعتوروه وأخذوا سيفه ، وأخذ ابن جرموز رأسه فحمله حتى أتى به وبسيفه عليا فأخذه علي ، وقال : سيف طال والله ما جلا به عن وجه رسول الله صلىاللهعليهوسلم الكرب ، ولكنّ الحين ومصارع السوء. ودفن الزبير يرحمهالله بوادي السّباع ، وجلس علي يبكي عليه هو وأصحابه.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا أبو بكر بن سيف ، عن الوليد بن عبد الله ، عن أبيه (٦) ، قال : لما انهزم الناس يوم
__________________
(١) في ابن سعد : ثم انصرف.
(٢) في ابن سعد : إن كان صاحب الزبير إلّا الأحنف.
(٣) طبقات ابن سعد ٣ / ١١١ ـ ١١٢.
(٤) في ابن سعد : ونفيع أو نفيل.
(٥) بالأصل : «كف» والمثبت عن ابن سعد.
(٦) الخبر في تاريخ الطبري ٣ / ٥٥ ط بيروت (حوادث سنة ٣٦) تحت عنوان : مقتل الزبير بن العوّام رضياللهعنه.