وفي سنة اثنتين وستّين كان بديار مصر غلاء عظيم ، وفرّق الظاهر الفقراء على الأمراء والأغنياء ، وألزمهم بإطعامهم ، وفرّق هو قمحا كثيرا ، ورتّب كلّ يوم للفقراء مائة اردبّ تخبز وتفرّق عليهم.
وفي هذه السنة ولد بمصر ولد ميّت ، له رأسان وأربعة أعين وأربعة أيد وأربعة أرجل.
وفي سنة ثلاث وستّين وقع حريق عظيم ببلاد مصر ، اتّهم به النّصارى ، فعاقبهم السلطان عقوبة عظيمة. وفيها استجدّ الظاهر بمصر القضاة الثلاثة (١) ، من كلّ مذهب قاض.
وفي سنة أربع وستّين ، قال ابن المتوّج : حفر الظاهر بحر مصر بنفسه ، وعسكره ما بين الروضة والمنشاة.
وفي سنة خمس وستّين كبا الفرس بالملك الظاهر ، فانكسرت فخذه ، وحصل له عرج.
وفي سنة ستّ وستين كانت كائنة الحبيس النصرانيّ ، كان كاهنا ثمّ ترهّب وأقام بمفازة بجبل حلوان ، فقيل إنّه ظفر بكنز للحاكم صاحب مصر ، فواسى منه الفقراء والمستورين من كل ملّة ، واشتهر أمره وشاع ذكره ، وأنفق في ثلاث سنين أموالا عظيمة ، فأحضره السلطان ، وتلطّف به ، فأبى عليه يعرّفه بجلية أمره ، وأخذ يراوغه ويغالطه ، فلمّا أعياه حنق عليه ، وبسط عليه العذاب فمات. قال الذهبيّ : وقد أفتى غير واحد بقتله خوفا على ضعفاء الإيمان من المسلمين أن يضلّهم ويغويهم.
وفي سنة سبع وستّين ، رسم السلطان بإراقة الخمور (٢) ، وإبطال المفسدات والخواطىء من الديار المصرية والشاميّة ، وحبست الخواطىء حتّى يتزوجن ، وكتب إلى جميع البلاد بذلك ، وأسقطت الضرائب التي كانت مرتبة عليها.
وفي هذه السنة حجّ السلطان فأحسن إلى أهل الحرمين ، وغسل الكعبة (٣) بماء الورد بيده. وفي أواخر ذي الحجة من هذه السنة هبّت ريح (٤) شديدة بديار مصر ، غرّقت مائتي مركب في النيل ، وهلك فيها خلق كثير ، ووقع مطر شديد جدّا ، وأصابت الثمار صعقة أهلكتها ، حكاه ابن كثير.
__________________
(١) انظر النجوم الزاهرة : ٧ / ١١٩.
(٢) شذرات الذهب : ٥ / ٣٢٤.
(٣) النجوم الزاهرة : ٧ / ١٣٢.
(٤) شذرات الذهب : ٥ / ٣٢٤.