الملوك ، ليس في ملوك الإسلام مثله ، لا قبله ولا بعده ، بناها السّلطان صلاح الدين بن أيّوب رحمهالله تعالى سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة ، وجعل التدريس والنظر بها للشّيخ نجم الدين الخبوشانيّ ، وشرط له من المعلوم في كلّ شهر أربعين دينارا معاملة صرف كلّ دينار ثلاثة عشر درهما وثلث درهم عن التدريس ، وجعل له عن معلوم النظر في أوقاف المدرسة عشرة دنانير ، ورتّب له من الخبز في كلّ يوم ستّين رطلا بالمصريّ ، وراويتين من ماء النيل.
قال المقريزيّ : ولي تدريسها جماعة من الأكابر الأعيان ، ثمّ خلت من مدرّس ثلاثين سنة ، واكتفي فيها بالمعيدين (١) ، وهم عشرة أنفس ، فلما كان سنة ثمان وسبعين وستّمائة ، ولي تدريسها تقيّ الدين بن رزين ، وقرّر له نصف المعلوم ، فلما مات وليها الشيخ تقيّ الدين بن دقيق العيد بربع المعلوم ، فلما ولي الصاحب برهان الدين الخضر (٢) السنجاريّ التدريس قرّر له المعلوم الشاهد به كتاب الوقف (٣).
وقد استمرّت بيد الخبوشانيّ إلى أن مات سنة سبع وثمانين وخمسمائة ، فوليها شيخ الشيوخ صدر الدين أبو الحسن محمد (٤) بن حمّويه الجوينيّ في حياة الواقف ، فلمّا مات الواقف عزل عنها واستمرّت عليها أيدي بني السلطان ، واحدا بعد واحد ، ثمّ خلصت بعد ذلك وعاد إليها الفقهاء والمدرّسون. كذا في تاريخ ابن كثير.
وذكر المقريزيّ في الخطط أنّ صدر الدين بن حمّويه ولي تدريس الشافعيّ ، وأنّه وليها ولده كمال الدين أحمد ، ومات سنة تسع وثلاثين وستمائة ، ثمّ وليها قاضي القضاة تاج الدين بن بنت الأعزّ ، ثمّ وليها قاضي القضاة تقيّ الدين بن رزين ، ثم وليها قاضي القضاة تقي الدين ابن بنت الأعز ، ثم وليها قاضي القضاة شيخ الإسلام تقي الدين بن دقيق العيد ، ثم وليها عزّ الدين محمد بن محمد بن الحارث بن مسكين ، ثمّ وليها في سنة إحدى عشرة وسبعمائة ضياء الدين عبد الله بن أحمد بن منصور النّشائيّ ، ومات سنة ستّ عشرة وسبعمائة ، ثمّ وليها مجد الدين حرمي بن قاسم بن يوسف الفاقوسيّ إلى أن مات سنة أربع وثلاثين وسبعمائة ، ثمّ وليها شمس الدين بن القمّاح ، ثمّ ضياء الدين محمد بن إبراهيم المناويّ ، ثم شمس الدين بن اللّبان ، ثم شمس الدين محمد بن أحمد بن خطيب بيروت الدّمشقي ، ثمّ بهاء الدين بن الشيخ تقيّ الدين السبكيّ ، ثم أخوه تاج الدين لما سافر بهاء الدين عوضه قاضيا بالشام ، ثم لمّا عاد تاج الدين إلى القضاء عاد إليها إلى التدريس إلى أن مات.
__________________
(١) في صبح الأعشى : ٥ / ٤٣٦ : المعيد ثاني رتبة بعد المدرّس.
(٢) شذرات الذهب : ٥ / ٣٩٥.
(٣) انظر المدرسة الناصرية بالقرافة : الخطط المقريزية : ٢ / ٤٠٠.
(٤) شذرات الذهب : ٥ / ٢٥١.