الثاني أنها أسماء مفردة غير مضافة عوملت معاملة المضاف في الإعراب ، والمجرور باللام في موضع الصفة لها وهي متعلقة بمحذوف ، والخبر أيضا محذوف ، وعليه هشام وابن كيسان واختاره ابن مالك : قال : لأنها لو كانت مضافة لكانت الإضافة محضة ؛ إذ ليس صفة عاملة ، فيلزم التعريف ورد بعدم انحصار غير المحضة في الصفة.
الثالث أنها مفردة جاءت على لغة القصر ، والمجرور باللام هو الخبر وعليه الفارسي وابن يسعون وابن الطراوة ، وإنما اخترته لسلامته من التأويل والزيادة والحذف ، وكلها خلاف الأصل ، وكان القياس في هذه الألفاظ لا أب لك ولا أخ لك ولا يدين لك قال :
٥٥١ ـ أبي الإسلام لا أب لي سواه
وقال :
٥٥٢ ـ تأمّل فلا عينين للمرء صارفا
إلا أنه كثر الاستعمال بما تقدم مع مخالفة القياس ، ولم يرد في غير ضرورة إلا مع اللام ، ورد بحذفها في الضرورة ، قال :
٥٥٣ ـ أبا لموت الذي لا بدّ أنّي |
|
ملاق لا أباك تخوّفينى |
ولا يجوز أيضا في غير ضرورة الفصل بين اللام والاسم بظرف أو مجرور آخر نحو : لا أبا اليوم لك ، ولا يدي بها لك ، وجوزه يونس في الاختيار ، كذا حكاه ابن مالك ، وقال أبو حيان : الذي في كتاب سيبويه أن يونس يفرق في الفصل بالظرف بين الناقص والتام ، فيجيزه بالأول دون الثاني ، ورده سيبويه بأنه لا يجوز بواحد منهما بين إن واسمها ، ولا في باب كان فلا يجوز إن عندك زيدا مقيم وإن اليوم زيدا مسافر ، وكذا في كان ، فإذن لا فرق بين الناقص والتام ، وأجاز سيبويه الفصل بجملة الاعتراض نحو : لا أبا فاعلم لك.
الشرط الرابع ألا يفصل بين لا والنكرة بشيء فإن فصل تعين الرفع ؛ لضعفها عن
__________________
٥٥١ ـ البيت من الوافر ، وهو لنهار بن توسعة في شرح المفصل ٢ / ١٠٤ ، والكتاب ٢ / ٢٨٢ ، وبلا نسبة في جواهر الأدب ص ٤٠٢ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٩٥٣.
٥٥٢ ـ البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص ٢٥٦ ، انظر المعجم المفصل ١ / ١٤١.
٥٥٣ ـ البيت من الوافر ، وهو لأبي حية النميري في ديوانه ص ١٧٧ ، والخزانة ٤ / ١٠٠ ، ١٠٥ ، ١٠٧ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٢١١ ، واللسان ١١ / ٢١٠ ، مادة (خعل) ، ١٤ / ١٢ ، مادة (أبي) ، ١٥ / ١٦٣ ، مادة (فلا) ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٣ / ١٣٢ ، والخصائص ١ / ٣٤٥ ، وشرح التصريح ٢ / ٢٦ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٥٠١ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ١٠٤٤.