المنتحل في أفعال هذا الباب مع قام المذكورة كارب وما ذكر بعده وذلك تسعة عشر فعلا ، زاد غيره طار وانبرى ونشب ، وزاد اللخمي ابتدأ وعبأ ، فبلغت أفعال الباب أربعين فعلا ، قال ابن قاسم : وما زاده البهاري ومن ذكر لا يقوم عليه دليل على أنه من أفعال الباب ، وقد ترد عسى للإشفاق من المكروه وهو أقل من مجيئها للرجاء ، وقد اجتمعا في قوله تعالى : (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ) [البقرة : ٢١٦].
ملازمة أفعال المقاربة للفظ الماضي :
(ص) ويلزمها لفظ المضي وسمع مضارع كاد وأوشك واسم فاعلها ، وحكى الجوهري مضارع طفق ، والأخفش مصدره ، وقطرب مصدر كاد ، وبعضهم اسم فاعله ، وعبد القاهر مضارع عسى وفاعله ، والكسائي مضارع جعل ، وبعضهم الأمر والتفضيل من أوشك ، وقوم فاعل كرب.
(ش) أفعال هذا الباب جامدة لا تتصرف ملازمة للفظ الماضي ، وعلل ذلك ابن جني بأنها لما قصد بها المبالغة في القرب أخرجت عن بابها وهو التصرف ، وكذلك كل فعل يراد به المبالغة كنعم وبئس وفعل التعجب ، وعلله ابن يسعون بالاستغناء بلزوم المضارع خبرها ، فلم يبنوا منها مستقبلا ، وعلله ابن عصفور بأن معناها لا يكون إلا ماضيا ؛ إذ لا تخبر عن الرجاء إلا وقد استقر في نفسك ، والماضي يستعمل في الحال الذي هو الشروع لإرادة الاتصال والدوام ، فلا يكون معناها مستقبلا أصلا ، واستثني منها كاد وأوشك فسمع فيها المضارع قال تعالى : (يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ) [النور : ٣٥] ، قال الشاعر :
٤٦٧ ـ يوشك من فرّ من منّيته
بل المضارع في أوشك أشهر من الماضي حتى زعم الأصمعي أنه لا يستعمل ماضيها ، وسمع اسم الفاعل من أوشك قال :
٤٦٨ ـ فموشكة أرضنا أن تعودا
__________________
٤٦٧ ـ البيت من المنسرح ، وهو لأمية بن أبي الصلت في ديوانه ص ٤٢ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ١٦٧ ، وشرح التصريح ١ / ٢٠٧ ، وشرح المفصل ٧ / ١٢٦ ، والكتاب ٣ / ١٦١ ، واللسان ، مادة (بيهس ، وكأس) ، والمقاصد النحوية ٢ / ١٨٧ ، ولعمران بن حطان في ديوانه ص ١٢٣ ، ولأمية أو لرجل من الخوارج في تخليص الشواهد ص ٣٢٣ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٥٩٣.
٤٦٨ ـ البيت من المتقارب ، وهو لأبي سهم الهذلي في تخليص الشواهد ص ٣٣٦ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٢٢١ ، ولأسامة بن الحارث في شرح أشعار الهذليين ص ١٢٩٣ ، وبلا نسبة في شرح الأشموني ١ / ١٣١ ، ٢٦٤ ، وشرح ابن عقيل ص ١٧١ ، ١ / ١٢٦ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٨٢٣ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٣٠.