وقال : إن الوضع سبق ووصل إلى المسمى الأول ، وعلم مدلول تلك اللفظة في النكرات وسمي بها ، وجهلنا نحن أصلها فتوهمها من سمى بها من أجل ذلك مرتجلة ، وذهب الزجاج إلى أنها كلها مرتجلة ، والمرتجل عنده ما لم يقصد في وضعه النقل من محل آخر إلى هذا ولذلك لم تجعل أل في الحارث زائدة ، وعلى هذا فيكون موافقتها للنكرات بالعرض لا بالقصد.
حكى هذا الخلاف أبو حيان وقال قبله : المنقول هو الذي يحفظ له أصل في النكرات ، والمرتجل هو الذي لا يحفظ له أصل في النكرات ، وقيل : المنقول هو الذي سبق له وضع في النكرات ، والمرتجل هو الذي لم يسبق له وضع في النكرات ، فحكى قولين ، ويؤخذ من تقريره لكلام الزجاج قول ثالث في حد المرتجل أنه ما لم يقصد في وضعه النقل من محل آخر إلى هذا ، فلذلك حكيت فيه ثلاثة أقوال : وعندي أن الخلاف المذكور هل كلها مرتجلة أو منقولة أو متبعضة ، والخلاف المذكور في حد المنقول والمرتجل أحدهما مبني على الآخر كما بينته في «السلسلة».
ثم قال أبو حيان : ينقسم العلم إلى قسمين : منقول ، ومرتجل بالنظر إلى الأكثر وإلا فقد لا يكون منقولا ولا مرتجلا وهو الذي علميته بالغلبة ، وحكاه ابن قاسم بصيغة قيل ، وتلك عادته في أبحاث شيخه أبي حيان ، فظاهره أن ذلك من تفرداته ، ثم المنقول إما من جملة وستأتي في باب التسمية ، أو من مصدر كفضل وزيد وسعد ، أو من اسم عين كأسد وثور وذئب ، أو من صفة اسم فاعل كحارث وطالب ، واسم مفعول كمضروب ومسعود ، أو صفة مشبهة كحسن وسعيد ، أو صيغة مبالغة كعباس ، أو من فعل ماض كشمر ، أو من مضارع كيزيد وأحمد وتغلب ، أو من أمر كاصمت اسما لفلاة ، وزعم بعضهم أنه قد ينقل من صوت كببة وهو صوت كانت أمه ترقصه به تقول :
١٩١ ـ لأنكحنّ ببّه |
|
جارية خدبّه |
فلقب به ، وقال ابن خالويه : ببة الغلام السمين فالنقل من صفة لا صوت ، قال ابن مالك : وهو الصحيح.
__________________
١٩١ ـ الرجز لهند بنت أبي سفيان في الحماسة البصرية ٢ / ٤٠٢ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٥٩٩ ، والاشتقاق ص ٧٠ ، وشرح المفصل ١ / ٣٢ ، واللسان ، مادة (ببب ، خدب) ، والمقاصد النحوية ١ / ٤٠٣ ، وتاريخ بغداد ١ / ٢١٢ ، وسير أعلام النبلاء ١ / ٢٠٠ ، والنقائض ص ١١٣ ، ولامرأة من قريش في جمهرة اللغة ص ٦٣ ، انظر المعجم المفصل ٣ / ١١٠٧.