وسماه الكوفيون ضمير المجهول ؛ لأنه لا يدرى عندهم ما يعود عليه ، ولا خلاف في أنه اسم يحكم على موضعه بالإعراب على حسب العامل ، إلا ما ذهب إليه ابن الطراوة من زعمه أنه حرف فإنه إذا دخل على إن كفها عن العمل كما يكفها ما ، وكذا إذا دخل على الأفعال الناسخة كفها ، وتلغى كما يلغى في باب ظن ، ومال أبو حيان إلى موافقته.
وشرط الجملة المفسر بها ضمير الشأن أن تكون خبرية فلا يفسر بالإنشائية ولا الطلبية ، وأن يصرح بجزأيها فلا يجوز حذف جزء منها فإنه جيء به لتأكيدها وتفخيم مدلولها ، والحذف مناف لذلك ، كما لا يجوز ترخيم المندوب ولا حذف حرف النداء منه ولا من المستغاث ، وزعم الكوفيون أنه يفسر بمفرد ، فقالوا في ظنته قائما زيد : إن الهاء ضمير الشأن وقائم يفسره ، وزعموا أيضا أنه يجوز حذف جزء الجملة ، فيقال : إنه ضرب وإنه قام على حذف المسند إليه من غير إرادة ولا إضمار ، ولا يجوز أيضا تقدم هذه الجملة ولا جزئها.
قال ابن هشام في «المغني» : وقد غلط يوسف بن السيرافي إذ قال في قوله :
١٨٥ ـ أسكران كان ابن المراغة
إن كان شأنية ، وابن المراغة وسكران مبتدأ وخبر ، والجملة خبر كان ، وضمير الشأن لازم الإفراد ؛ لأنه ضمير يفسره مضمون الجملة ، ومضمون الجملة شيء مفرد وهو نسبة الحكم للمحكوم عليه وذلك لا تثنية فيه ولا جمع.
ومذهب البصريين أن تذكيره مع المذكر وتأنيثه مع المؤنث أحسن من خلاف ذلك نحو : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) [الإخلاص : ١] ، (فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا) [الأنبياء : ٩٧] ، (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ) [الحج : ٤٦] ، ويجوز التذكير مع المؤنث ، حكي : إنه أمة الله ذاهبة ، والتأنيث مع المذكر كقراءة : أولم تكن لهم آية أن يعلمه [الشعراء : ١٩٧] بالفوقية ، فإن الاسم أن يعلمه وهو مذكر.
وأوجب الكوفيون الأول وهو مردود بالسماع ، وفصل ابن مالك فقال : يجب التذكير كما يجب الإفراد ، فإن وليه مؤنث نحو : إنها جاريتك ذاهبة أو مذكر شبه به المؤنث نحو : إنها قمر جاريتك ، أو فعل بعلامة تأنيث نحو : (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ) [الحج : ٤٦] ،
__________________
١٨٥ ـ ذكر هذا الشاهد في نسخة العلمية.