وكذلك للقيروان في الزفاف عادة ربما كانت قديمة من عهد المعز بن باديس في أول القرن الخامس ، وهو عرض ما تجهز به العروس للعموم وتقويمه قبل الخروج به لدار الزوج. قال بعض المؤرخين في رجب ٤١٥ تزوجت السيدة أم العلو بنت نصير الدولة باديس أخت شرف الدولة المعز ، فلما كان يوم الأربعاء غرة شعبان المكرم زين الإيوان المعظم للسيدة الجليلة أم العلو ، ودخل الناس خاصة وعامة فنظروا من صنوف الجوهر والأسلاك والأمتعة النفيسة وأواني الذهب والفضة ما لم يعمل مثله ولا سمع لأحد من الملوك قبله. قال أبو إسحاق الرقيق : فبهر عيون الخلق حال ما عاينوه ، وأبهتهم عظيم ما شاهدوه ، وحمل جميع ذلك إلى الموضع الذي ضربت فيه الأبنية ، والقباب والأخبية وحمل المهر في عشرة أحمال ، على عشرة بغال ، على كل حمل جارية حسناء وجملته مائة ألف دينار عينا. وذكر بعض حذاق التجار أنه قوم ما هو لها فكان زايدا على ألف ألف دينار ، وهذا ما لم يرقط لامرأة قبلها بإفريقية. وزفت العروس في يوم الخميس ، ومضى بين يديها عبيد أخيها شرف الدولة وأبيها نصير الدولة وجدها عدة العزيز بالله ووجوه رجال الدولة ، فكان يوما سارت الركبان بمحاسن آثاره وامتلأت البلدان بعجايب أخباره.
ثم ولي الفتيا بتونس أبو القاسم بن محمد بن مرزوق العظومي في أواخر القرن العاشر في صدر الدولة التركية بتونس ، وتوفي في أوايل القرن الحادي عشر وله التأليف النفيسة مثل كتاب الأجوبة. قال في شأنه الشيخ عيسى المؤرخ : وأول نواب الأوقاف بالقيروان بعد نظامها الحالي. هذا الكتاب مفقود إلّا البعض عند الخواص ومن ظفر بجميعه من الفقهاء يعينه في تصرفه. قلت ولهاته العائلة النبيلة ذرية طيبة بالقيروان تبدو منهم سمات الذكاء والأخلاق وتلوح عليهم صفات المجد والمروءة. ثم المفتي بتونس العالم الجليل صاحب الرحلات الشرقية محمد ، بالفتح ، العواني الشريف الذي نصح إلى مراد بوبالة عند ما عزم على قتله عام ١١١٠ بقوله أنصحك وليس النصح لنفسي أن من قتل عالما أيس من طول حياته. وكان طويل القامة كث اللحية. قال السراج : ولم يكن له في ميدان الفتاوي من مجاري ولا في تصرف الأحكام من مباري. قلت قتله مراد بوبالة وأكل من لحمه مثلما فعل المنصور بن بلكيز الصنهاجي لما ظفر بالثائر أبي الفهم الخراساني الداعي بكتامة عام ٣٧٨ ، فإنه