ببراعة وخفة زائدة ، ولكن لا يضاهون فيها براعة الممثلين والممثلات في الأوبرا. وقد ذكرنا أساليب العرب فيه نقلا عن ابن خرداذبة عند الكلام على الأوبرا بباريز.
المجتمعات
مجتمعاتهم غالبا مكللة بالوقار ومزدانة بالتربية العالية ومفعمة بالآداب واحترام رأي المتكلم والإصغاء إليه حتى يستوفي كلامه ، وإذا اقتضى الحال التنبيه فبإشارات خفيفة أو الرد فبلطف وبرهان. وربما غضوا الطرف عن بعض هفوات المتكلم. بعيدون عن الخوض في تتبع عورات الناس أو ثلب الأعراض.
وبالجملة فليست لهم خائنة الأعين في المجالس ، ولا رفع الصوت في المحادثة ولا حديث في الخلوات يخالفون به رأيهم عند الاجتماعات ، ولا كثرة لغو ولا ضحك بلا موجب في الأحاديث الجدية ، ولا استمرار على التعصب في الرأي إذا ظهر خلافه أصح ، ولا مبالغة في الحديث الفارغ أو تساهل في الترامي على أحضان من لم يكن معه تعرف سابق عن ذلك المجلس ، ولا مخالفة الضمير في التنازل مع بعض الناس متى حضر على خلاف ما إذا غاب. وهم مستحضرون لأدوار التواريخ وواقفون على أحوال الحاضر فيخوضون في سائر أنواع الأحاديث والنوادر بدون تكليف.
والسبب في هذا هو التعليم الصحيح بصفة عامة للرجال والنساء.
وقد ذكرنا طرفا من تنكيتهم الخفي في مجاري الحديث في فصل جنوب فرانسا وقبل الكلام على طولوز. وصغارهم ذكورا وإناثا لا حرج عليهم في حضور اجتماعات المحادثات والجلوس على الموائد ، حيث لا تخرج الأحاديث عما ينافي الآداب غير أن الغالب عليهم الصمت ، ولا يكون كلامهم إلّا جوابا وبهذا تتلقى الصبيان دروسا عالية عائلية في حالة الانفراد والاجتماع. ومتى رجع الصبيان من المكاتب أو غيرها قبّلوا خدود الآباء والأمهات ، وكذلك قبل ذهابهم إلى غرف النوم ، ويقبل أفراد العائلة يد المرأة المسنة منهم عند الوداع المنزلي.
ومن آدابهم البشاشة والابتسام ولو مع عدم الرضى. وبالجملة فالأفراد عندهم يحترمون حقوق بعضهم ، والمعاملات فيما بينهم على أتم صفات الآداب سواء فيها