مما فاز به الأواخر عن الأوائل. وعند ما قاربنا كرونوبل وتراءت لنا جبالها صار القطار في انحدار مدهش ، ووصلنا على الساعة الثامنة مساء بعد أن بارحنا مرسيليا على الساعة العاشرة صباحا. وفضلت غير السريع من القطارات لأتمكن من التأمل وتسريح النظر.
كرونوبل وضواحيها
جاء غربي هاته المدينة مركز قطارها فابتدرنا منه أتيل أنكلترا وسلكنا له نهج الألزاس واللورين إلى بطحاء فيكتور هيكو بوسط المدينة. وبابه الغربي يفتح إليها والمطاعم ومحلات التجارة ومركز وقوف العربات وإدارة البوسطة والتلغراف كلها قريبة من هذا النزل الذي تحمل إلى بيوت طبقاته رافعة (صانسور) في كل الأوقات بلا كلفة أو مشقة ، تلحق الصاعد إلى العلو فهو والساكن في البيوت السفلى سواء بل يزيد عليه بطيب الهواء وحسن المنظر والرياضة بالرافعة. وشرقي بطحاء فيكتور هيكو بطحاء كرانايت. وبينهما مركز الترمفاي والقهوات المكتظة والمخازن المرصوصة بالبضائع ، والمنقالة التي تدق على رأس أرباع ساعات دقا مرتبا يشبه التنقير على بعض آلات الموسيقى بتعدد الأرباع فيما بين الساعات يسمعه جيران تلك البطحاء والنازلون في أوتيل أنكلتيرا وهو مما يفيد الساكن ويعجب به الغريب ويطربه. ومن بطحاء كرانايت يذهب شرقا شارع لاريبوبليك الذي به دار الطبيب الماهر المسيو باربيي. وبالغرب والقرب من هاته البطحاء نهج مونتورج الذي به جمعية تنظر فيما تتقدم به البلاد (صانديكادي نيسياتيف). وهي من الجمعيات التي لا تعرف عندنا وحبذا لو كان لنا مثلها. وعلى المسافر أن لا يهمل الزيارة لهاته الجمعية التي تجود بما في وسعها من الإرشادات والإعانات بما يعود عليها بالشكر وعلى المدينة بحسن السمعة والرغبة في زيارتها لاعتناء هاته الإدارة بمطالب الغرباء. ونحن نشكرها على ما أمدتنا به من بعض المناظر على وجه الإعارة. وشمال مركز الجمعية بستان البلد وهو حسن التنظيم ، كثير الأزهار والتقاسيم ، على الشاطئ الجنوبي من نهر إيزاير الزلال ، وبه سميت مقاطعة كرونوبل (إيزاير). آت من الشرق يسقي بمائه العذب