ساعات التي يقضيها بين فيفي وجنيف. بدت لنا على طول ضفة البحيرة الشمالية قرى كثيرة وعمران ممتد على أراضي أحسنت خدمتها يد الأهالي حتى صيرتها مجدولة كبيوت الشطرنج بالطرقات المفعمة بأنواع ما أنعم الله به على البشر من حيوان الحمل والركوب وسكك البخار وسيارات الكهرباء ودراجات الرجل وحوافل النقل التي سخروا لها في السويس حتى البقر.
استقبلنا ثغر جنيف باسما عقب المغيب القصير عنه وعانقت المدينة بذراعي رصيفيها الشمالي والجنوبي كوكب السفينة حتى أجلستها عند مصدر النهر من البحيرة وهو منها بين الحشا والترائب.
بين جنيف وكرونوبل (شامبري)
بارحت جنيف راجعا إلى كرونوبل كي أرى هاته المدينة الجميلة مرة ثانية وركبت القطار من المحطة الشمالية «كونافا» صباحا بعد أن كاد المعطي لتذاكر السفر يعطلنا بدعوى أن كراس تذاكرنا به محطة الجنوب المتصلة بخط آنسي ولكن عون الأوتيل الذي معنا حاجه بكون المدار على الخط الذي بين جنيف وكرونوبل ، والذي اخترناه الآن مارا على بلكارد هو وخط آنسي ، ولا روش سواء تقريبا. والكلام المعقول في أروبا معمول به ومقبول بين ساير الطبقات. فشكرنا ذلك العون على فوزه ووفرنا له في الإحسان. وما قدست أمة لا ينتقم من قويها لضعيفها.
وسايرنا عند الخروج من جنيف نهر الرون صادرا من البحيرة متسربا على يسارنا مسافة عشرات الأميال ثم جزناه مودعين له إلى الملتقى في ليون.
نزلنا ثلاثة أرباع ساعة في بولكارد بالحد بين سويسرة وفرانسا وجرى التفتيش ولكن بدون تشديد على صناديق وحقائب المسافرين ، وأكثر ما يسألون عن التبغ وهو رخيص السعر في سويسرة. ثم جد بنا القطار إلى شامبري التي ادخرنا زيارتها إلى الرجوع من جنيف.
شامبري ـ بلغني أن سكانها واحد وعشرون ألفا ، وهي مركز تلك الجهة المسماة لا سافوا ، ارتفاعها ٢٧٠ على البحر في شعب ذي مروج يشقها نهر جزت قناطره وقلت