وفيه يقول بعض الشعراء. ومنه تعلم أن الشعراء طوافون في أراضي الكرم وجو الخيال :
يا واحد العرب الذي دانت له |
|
قحطان قاطبة وساد نزارا |
إني لأرجو إذ بلغتك سالما |
|
ألا أكابد بعدك الأسفارا |
وإلى الآن في المملكة من يجيد نظم الشعر ويخوض بحارا ويتعرف مسالكه ، وفي الناس من يهش للشعر ويكرم أربابه ويقدر آمال ثنايهم.
٢ ـ طلب العلم ، هذا الموجب من أحسن الأسباب وألذ الدواعي وأحمد مغبة وأسلم وجهة ، تتقوى به الروابط وتنتج عنه المصالح وتتغذى به الأرواح وتحترم به الأشباح. وقد حثت الشريعة الإسلامية على طلبه من أقصى العمران وأخذ الحكمة من كل أمة ومن أي فرد كائن من كان ، ويتوقف على طرق الأمن وتسامح الأمة صاحبة العلم ، ويدل على سعادة الأمة الطالبة ونباهة أفرادها ، والسفر له من مقاصد الأفراد والجماعات.
١ ـ نزح إليه من القيروان عند ما أزهر في المشرق أفراد كثيرون منهم صاحب الشهرة سحنون بن سعيد ، في أواخر القرن الثاني ، وهو ابن خمس وعشرين سنة ورجع وهو ابن ثلاثين عام ١٩١ بعد أن أخذ على علي بن زياد الطرابلسي أصلا التونسي مسكنا ، صاحب الرحلة من قبل ذلك لمالك. وبسحنون وأمثاله صارت القيروان كعبة طلاب العلم حتى من أقصى الأندلس ، وعلى توالي العصور وتجدد العلوم كانت تنفر من كل جهة من أطراف المملكة طايفة ليتفقهوا في العلوم ويفيدوا قومهم إذا رجعوا إليهم عساهم يتقدمون. وسيأتي في السفر السياسي والأدبي ذكر عبد الرحمان بن أنعم قاضي القيروان وسفره إلى الخليفة أبي جعفر المنصور ، وسابق تعرفه به وروابط مدته معه من عهد المصاحبة في حلقات التعلم التي هي سلك متين لجمع قلوب عقد التلامذة من ساير الآفاق والأجناس. لذلك احتاج إلى القيروان سكان صحراء المغرب الأقصى في من يعلمهم ، وطلبوا عند ما اجتازوا بالقيروان