ويمكن الجواب عن الوجه الأَوّل : بأنه لا يعتبر في تأثير الشرط الارتكازي ان يكون شرطاً ارتكازياً لدى جميع المجتمعات والملل والنحل ، ولا اشكال في أن الإنفاق كان أمراً ملحوظاً في عقد النكاح في المجتمع الإسلامي والمجتمع العربي قبل الإسلام ، بل قد اختلف فقهاء الخاصة والعامة في كون اليسار من الامور الدخيلة في الكفاءة وعدمه على قولين مشهورين (١) وسوف يظهر ارتكازية هذا الشرط مما يأتي في جواب الوجه الثاني.
وعن الوجه الثاني : بانه لا اجماع على عدم ثبوت خيار تخلف الوصف والشرط في النكاح وانما قام الاجماع على عدم صحة اشتراط الخيار فيه ، كيف وقد التزم بثبوت خيار الفسخ للزوجة عند الاعسار أو انكشافه جمع من فقهاء الفريقين ، ولذلك لو قدّر قيام الاجماع المذكور أيضاً فلا ينبغي الشك في عدم شموله للمقام.
اما فقهاؤنا فقال المحقق في الشرائع : لو تجدّد عجز الزوج عن النفقة هل تتسلّط الزوجة على الفسخ فيه روايتان اشهرهما انه ليس لها ذلك ، وعقبه في الجواهر (٢) بقوله ( لا بنفسه ولا بالحاكم وفي المسالك انه المشهور ). ونقل العلامة في المختلف (٣) في بحث اعتبار اليسار في الكفاءة عن ابن ادريس انه قال : ( والأولى ان يقال ان اليسار ليس بشرط في صحة العقد ، وانما للمرأة الخيار اذا لم يكن موسراً بنفقتها وليس العقد باطلاً بل الخيار لها ... ) ثم
__________________
(١) لاحظ اختلاف فقهائنا في الجواهر ٣٠ : ١٠٣ والحدائق ط الأولىٰ ٦ : ١٤٤. واختلاف فقهاء العامة في المغني لابن قدامة ٧ : ٣٧٦ و ٣٧٧ والخلاف للشيخ الطوسي ٤ : ٢٧١ و ٢٧٢.
(٢) الشرائع ٢ : ٣٠٠ ، جواهر الكلام ٣٠ : ١٠٥.
(٣) كتاب النكاح : ٥٧٦.