مادة الكلمتين أو هيئتهما ، لوضوح عدم افادة شيء منهما لذلك ، وانما هو نحو توجيه لمفاد الحديث ومع ذلك فلا قرينة علىٰ هذا التحديد لمدلول المادة في الحديث.
الوجه الثالث : ان الضرر ما تضر به وتنتفع به أنت والضرار ان تضره من غير ان تنتفع به.
وهذا الوجه أيضاً ليس مبنياً ظاهراً علىٰ دعوىٰ دلالة المادة أو الهيئة علىٰ هذا التحديد ، وانما يبتنى علىٰ جهة اخرى وهي قيام قرينة خارجيّة علىٰ ذلك من قبيل بعض موارد تطبيق هذه الكبرى.
لكن لم تثبت القرينة المذكورة علىٰ هذا التحديد.
الوجه الرابع : ان يكون الضرار بمعنىٰ الضرر بعينه وعلىٰ ذلك يبتني ما ذكر من ان ( لا ضرار ) انما هو لمجرد التاكيد.
ووجه هذا الاعتقاد : تصوّر ان باب المفاعلة من مادة ( الضرار ) انما هو بمعنىٰ المجرد منها ـ كما ذكروا ذلك في مواد اخرى ـ بناء علىٰ مبناهم من تعدّد معنىٰ هيئة المفاعلة علىٰ ما تقدم. وقد صرّح بذلك في بعض كلماتهم ففي لسان العرب مثلاً ( ضره يضره ضراً وضرّ به وأضرّ به وضاره مضارة وضراراً ـ بمعنىٰ ) (١).
لكن اتضح مما ذكرناه في معنىٰ الهيئة فيهما وجود الفرق بين معناهما فالضرر معنىٰ اسم مصدري ماخوذ من المجرد ، والضرار مصدر يدل علىٰ نسبة صدورية مستتبعة لنسبة أخرى ، ولذلك ذكر المحقق الرضي (قده) ، ان الصيغة تفيد معنىٰ المبالغة ، واوضحنا في المسلك المختار ان افادة معنىٰ المبالغة انما هي باعتبار الدلالة علىٰ تكرر النسبة أو استمرارها. هذا ما يتعلق
__________________
(١) ط بيروت ١٩٥٥ ه ١٣٧٥ ه ٤ / ٤٨٢.