ممّا أمر به من قلع النخلة ، فمن الخيارات الأُخرىٰ مثلاً تأديب سمرة وتعزيره لكن هذا العمل :
أولاً : قد لا يكون ناجعاً ومؤثراً لشدّة إصرار سمرة علىٰ الإضرار بالأَنصاري ، وربّما استمر سمرة علىٰ ذلك بأنّ يدخل دار الأنصاري ثم ينكر ظاهراً فيتوقف إثباته علىٰ إقامة شاهدين عدلين وهو ليس بسهل.
وثانياً : إنّه ربّما لم يكن يكفى في ردع سمرة ضربه بما يوجب الإيلام فحسب بل كان يتوقّف علىٰ كسر عضو ونحوه ومن المعلوم أنّ ذلك أشدّ من التصرف في ماله بقلع شجرته. ومن الخيارات الأُخرىٰ : حراسة بستان الأنصاري عن دخول سمرة في جميع الأوقات التي يحتمل دخول سمرة في البستان ليلاً ونهاراً. وهذا أيضاً عمل شاقّ.
فبهذا الوجه ينحلّ هذا الاعتراض ويتّضح وجه تعليل الأمر بالقلع ب ( لا ضرر ولا ضرار ).
التنبيه الثاني : في تحقيق مضمون الحديث علىٰ أساس شواهد الكتاب والسنة.
قد سبق في المقصد الأول أن حديث ( لا ضرر ) قد ورد بطريق صحيح في ضمن قضيّة سمرة بن جندب ، ويؤيّده طرق أُخرى لم يثبت اعتبارها في أنفسها ، إلا أن الاعتبار السندي علىٰ المختار لا يكفي في حجية الخبر ، بل لا بُدّ في تحقيق مضمون الخبر من مقايسته بشواهد الكتاب والسنّة ونقده نقداً داخلياً وذلك من جهتين :
الأُولىٰ : أن لا يكون مضمون الخبر مخالفاً للمعارف المسلمة في الإسلام ممّا ورد في الكتاب والسنّة كأن يكون هادماً لما بناه الإسلام أو بانياً لما هدمه الإسلام. واعتبار هذا الشرط من قبيل القضايا التي قياساتها معها كما هو واضح.