وثانياً : ان مقتضى ما ذكره استفادة التحريم من ( لا ضرار ) ـ لا من ( لا ضرر ) ولا منهما جميعاً ـ لأَنّ المستعمل في التطبيق هو وصف باب المفاعلة ـ وهو مضار ـ وعليه فلا مانع من ان يراد ب ( لا ضرار ) نفي التسبيب إلى الضرر بنفي الحكم الضرري ويراد ب ( لا ضرار ) الحرمة التكليفية فتتناسب الصغرى مع الكبرى.
الوجه الخامس : اتفاق اهل اللغة على فهم معنى النهي من الحديث.
قال (قده) ( في كلام له ) : ( ولنذكر بعض كلمات ائمة اللغة ومهرة أهل اللسان تراهم متفقين على ارادة النهي لا يرتابون فيه ولا يحتملون غيره ، ففي النهاية الاثيرية : قوله ( لا ضرر ) اي لا يضر الرجل اخاه فينقصه شيء من حقه ، والضرار فعال من الضر اي لا يجازيه على اضراره بادخال ( الضرر عليه ). وفي لسان العرب ـ وهو كتاب جليل في اللغة في عشرين مجلداً (١) ـ معنى قوله ( لا ضرر ) لا يضر الرجل أخاه فينقصه شيئاً من حقه. و ( لا ضرر ) أي لا يجازيه على اضراره بادخال ( الضرر عليه ). وفي تاج العروس مثل هذا بعينه ، وكذا الطريحي في المجمع ) (٢).
وفي هذا الوجه ملاحظتان :
الأُولى : في مدى اصالة هذه المصادر الخمسة في ذكر هذا الرأي ومدى التزام مؤلفيها به.
١ ـ وأمَّا النهاية لابن الأثير ( ت ٦٠٦ ه ) فقد تقدّم انها في جزء مهم
__________________
(١) قد طبع الكتاب أوّلاً في عشرين مجلداً وعليه جرى هذا القائل وقد طبع ثانياً في بيروت في خمسة وعشرين مجلداً وقد جاء قي مقدمة هذه الطبعة ١ / ٦ انه ثلائون مجلداً كما جاء في مقدمة تاج العروس انه سبعة وعشرون مجلداً. منه.
(٢) لسان العرب ٤ / ٤٨٢ ، مجمع البحرين ٣ / ٣٧٣ ، تاج العروس ٣ / ٣٤٨ ، النهاية لابن الأثير ٣ / ٨١ ، رسالة لا ضرر لشيخ الشريعة : ٤٣.