ان الاعتبار التنزيلي اعتبار أدبي يختلف فيه العنصر المعنوي عن العنصر الشكلي للكلام وكل اعتبار أدبي بحاجة إلى مصححين لغوي وبلاغي.
١ ـ فالمصحح اللغوي : هو العلاقة والتناسب بين المعنى الاعتباري ( المجازي ) والمعنى الحقيقي ، وذلك انه كلما عبّر عن معنى خاص بعنصر شكلي يختلف عنه فإنه لا بُدّ من تسانخ وتناسب بين الأمرين ليصح بذلك التعبير عن المعنى المراد بالشكل الخاص ، وبدون توفر ذلك لا يصح استعمال اللفظ في التعبير عن المراد لغة بل يكون خطأ .. وقد تعرضنا لمصحّح الاستعمال المجازي وحدوده بنحو عام في مباحث الألفاظ.
٢ ـ والمصحح البلاغي : ـ وقد يعبّر عنه بالنكتة البلاغية أو وجه العدول عن التعبير الحقيقي ـ وهو الجهة التي توجب اداء المعنى بنحو الاعتبار الأَدبي دون التصريح ، وذلك لان العدول عن التعبير الحقيقي وان كان يصح لغة من دون نكتة لوجود المصحح اللغوي للاستعمال ، الاّ أن مقتضى البلاغة اختيار التعبير الصريح في اداء المعنى ما لم يوجد دافع لاستعمال التعبير المجازي.
ويتضح الفرق بين المصححين في المثال الآتي :
اذا عبرنا عن زيد بالأَسد ، فالمصحح اللغوي لهذا التعبير هو التشابه بينهما في صفة الشجاعة ولكن المصحح البلاغي لذلك هو قصد تحقيق نفس الإحساس الموجود تجاه الأَسد بالنسبة إلى زيد.
والمصحح اللغوي لاسلوب التنزيل هو احدى نكتتين :
١ ـ النكتة الأولىٰ : التناسب الكائن بين التسبيب إلى عدم تحقّق الطبيعة في الخارج وبين المفاد الاستعمالي لصيغة النفي من انتفائها خارجاً ، فحيث كان المعنى المراد مصداقاً للتسبيب إلى عدم تحقّق الطبيعة صحّ ان