النجس في الماء عن اكراه ، فإنه ينجس الماء حينئذٍ لكون نجاسة الماء اثراً لنفس الملاقاة بالمعنى اسم المصدري. وانما المقصود بذلك نفي انتسابه إلى المكلف فيرتفع الأَثر المترتب على ذلك كبيع المكره وطلاقه.
٦ ـ ان يكون المنفي طبيعة توهم تسبيب الشارع إلى تحقّقها سواء كانت متعلقاً للحكم أو معلولاً له في وعاء الخارج ، من قبيل ما لو قيل : ( لا حرج في الدين ) فان الحرج ليس متعلقاً للحكم ، وانما هو امر يترتب علىٰ الحكم فيكون المقصود بنفي الطبيعة حينئذٍ نفي جعل الحكم المؤدي اليها ، ولكن عبر عن نفيه تنزيلاً بنفي تحقّق الطبيعة خارجاً.
هذه هي موارد النفي التنزيلي وما ذكرناه انما هو خصوص ما كان منها من قبيل الحكومة ، بأن كان نظر المتكلم في نفيه التنزيلي للمعنى إلىٰ فكرة مخالفة لمؤدى الكلام ـ على ما هو معيار الحكومة على التحقيق كما يأتي ـ.
وهناك مورد سابع لا يندرج في الحكومة وهو حيث يستفاد منه الزجر والتحريم المولوي من قبيل قوله تعالى : ( فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الحَجِّ ) (١) وضابطه ـ كما يظهر مما تقدّم ـ أن يكون مصب النفي طبيعة تكوينية ذات آثار خارجيّة يرغب المكلفون فيها لانسجامها مع القوى الشهوية أو الغضبية للنفس ، من دون ان يكون هذا الخطاب مسبوقاً بحكم مخالف له ولو توهماً كالأمر بعد الحظر أو بعد توهمه.
ووجه عدم اندراج هذا المورد في الحكومة كونه مقيداً بعدم سبق حكم مخالف له ولو توهماً ، ومع هذا القيد لا يمكن ان يتوفّر فيه الشرط السابق من نظر المتكلم إلى فكرة مخالفة ، ووجه تقييده بذلك انه لو سبق الخطاب حكم آخر ، كان مفاده هدم ذلك الحكم ونفي التسبيب إلى الطبيعة ، فيندرج حينئذٍ
__________________
(١) البقرة : ٢ / ١٩٧.