بذلك تنبههم لهذا النحو من الجمع العرفي ولا شهادة في عدم الاعتراض بنفسه علىٰ اختصاص الضرر المنفي بما كان طارئاً.
وربما كان مقصوده بهذا الكلام ما يأتي في الوجه الثالث.
الوجه الثالث : ما يبتني علىٰ جهتين :
الأُولى : ان مورد هذه الكبرىٰ في قضية سمرة إنّما كان هو الضرر الطارئ لأن ملكية النخلة في ملك الغير تستتبع حق الاستطراق إليها متىٰ شاء مالكها ، كما ورد في الحديث عن النبي صلىاللهعليهوآله إنّه قضىٰ في رجل باع نخله واستثنىٰ نخلة فقضىٰ له ( بالمدخل إليها والمخرج منها ومدى جرائدها ) (١) إلاّ أن عموم هذا الحق في مورد قضية سمرة للدخول بدون الاستئذان كان ضرراً علىٰ الأنصاري ، لأنّ البستان ـ الذي كانت فيه النخلة ـ كان محل سكناه وسكن أهله ، فكان الدخول بدون استئذان موجباً لهتك حرمتهم. وعلىٰ هذا : فالضرر الطارئ هو القدر المتيقن من مفاد الحديث لكونه مورداً لالقائه في جهته.
والجهة الأُخرىٰ : انَّ الأحكام التي هي بطبعها ضررية كانت من مشهورات أحكام الإسلام وحيث ان الصحابة كانوا حديثي عهد بالإسلام فكانوا يحسّون بثقل ذلك ومشقته ، ولم ينقل عن أحد منهم تصور شمول الحديث لهذه الأحكام ، فكان ذلك قرينة متصلة للكلام علىٰ أن المنفي شرعاً إنما هو خصوص الضرر الطارئ فلا ينعقد له ظهور في العموم.
التنبيه الثالث : في وجه تقديم ( لا ضرر ) علىٰ ادلة الأحكام الاولية.
وقد ذكر في ذلك وجوه كثيرة الا أن المشهور بين المحققين أنّه على نحو الحكومة التضييقية وهو الصحيح ، وحيث شاع لديهم التعرض لحقيقة
__________________
(١) الوسائل كتاب التجارة ابواب احكام العقود ١٨ / ٩١ / ح ٢٣٢١٩.