مقدّمة
مدينة القدس التي تعاقب على زيارتها وسكناها الأنبياء والرسل ، والصحابة والتابعون ، وقادة الشعوب والأمم ، ومهوى أفئدة الملايين من شعوب الأرض ، كانت لا بد أن تحظى بكل هذا الاهتمام. كيف لا والقدس هي بؤرة الصراع الدولي منذ أقدم العصور؟ أليست القدس لب الصراع العقدي بين أتباع الأديان الثلاثة؟! أليست القدس أرض الرباط ، والقبلة الأولى وأرض الإسراء والمعراج؟!.
أليست القدس في إنسانها ، وأقصاها ، وأرضها ، وسمائها ، وكل ذرة من ترابها مصدر إلهام للعرب والمسلمين يتعلمون منها الصمود رغم حملات الاقتلاع والتهويد؟!.
ولأن القدس تبقى والغزاة يرحلون .. كان واجبا على أهل القدس خاصة ، وفلسطين عامة المحافظة على تراثها وكتابة تاريخها ، وأن يحفروا صورة الأقصى في وجدان كل طفل عربي مسلم ، وأن يعلموا أبناءهم حب القدس والخليل كما يعلمونهم السورة من القرآن.
ومن هنا جاء الاهتمام بهذا الكتاب العظيم ، والسفر الجليل «الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل» في وقت تكالبت فيه قوى الشر لا بتلاع القدس والخليل.
وهذا الكتاب يؤرخ للمدينتين المقدستين بشكل خاص ، ولفلسطين في فتراتها المتعاقبة بشكل عام.
وقد واجهت منذ بداية عملي في هذه الدراسة صعوبات جمة ، أولاها الانقطاع المتواصل عن الكتب والمكتبات نتيجة الاعتقالات المتكررة في سجون الاحتلال ، والتي كان آخرها الاعتقال الأخير ، حيث قبعت في السجن قريبا من السنتين ، قضيتها متنقلا بين سجون عسقلان ، ومجدو ، والدامون.
أما الصعوبة الثانية فقد واجهتها في جمع هذه المخطوطات حيث إنها موجودة في مكتبات العالم المختلفة ، والتي لا أستطيع الوصول إليها بسبب منعي من السفر منذ مدة طويلة وقد ذلل هذه الصعوبة أخوان فاضلان ، هما : الأخ فهمي الأنصاري