فلما كان يوم الأربعاء ثامن شعبان ركب الفرنج آخر النهار بأجمعهم وتقدموا وحملوا على المسلمين ، فصدهم المسلمون فولى الكفار هاربين مدبرين وقتل وجرح منهم ، ودخل الليل وبات الحرب على حاله ، وانتقل السلطان ليلة الاثنين حادي عشر الشهر إلى تل العياضية لأنه مشرف عليهم للعلو ، وبلغ السلطان أن الفرنج يخرجون للاحتشاش وينتشرون في الأرض ، فانتدب جماعة من العربان ، فأغاروا عليهم وحالوا بينهم وبين خيامهم وحشروهم وأبادوهم (١) قتلا وقطعوا رؤوسهم وأحضروها عند السلطان وذلك يوم السبت سادس عشر شهر شعبان ، وسر المسلمون وتباشروا هذا والقتال على عكا متصل.
نادرة (٢)
ومن النوادر الواقعة أنه أفلت من بعض مراكب الفرنج حصان من الخيول الموصوفة عندهم فلم يقدروا على إمساكه وما زال يعوم في البحر وهم حوله إلى أن دخل ميناء البلد ، فتسارع المسلمون إليه وأخذوه وأهدوه للسلطان ، فتباشر المسلمون بالنصر. ورآه الفرنج من إمارات خذلانهم.
الوقعة الكبرى
وأصبح الفرنج يوم الأربعاء العشرين (٣) من شعبان وقد رفعوا صلبانهم وتقدموا وزحف أبطالها ، وقد عبىء السلطان الميمنة والميسرة وشرع يمر بالصفوف ويقوي عزم العساكر (٤). واشتد القتال واستشهد جماعة من المسلمين وولى العسكر الإسلامي منهزما ، فمنهم من وصل طبرية ومنهم من وصل دمشق. وبقي المسلمون في شدة عظيمة حتى أدركهم الله تعالى بنصره (٥) ، وهو أنه لما تمت الكسرة على المسلمين ، وصل جماعة من الفرنج إلى خيمة السلطان ولم يتبعهم من يعضدهم ، فهابوا الوقوف هناك فانحدروا عن التل ، واستقبلهم (٦) المسلمون فتبعوهم وظفروا بهم فقتلوا منهم وضربوا رقابهم واشتد الحرب وثبت المسلمون فمالوا على ميسرة الفرنج ففلوها ووضعوا فيهم السيوف فأبادوهم (٧) قتلا ، وممن قتل مقدم عسكرهم ،
__________________
(١) وأبادوهم ب د ه : وأبدوهم أ : ـ ج.
(٢) ينظر : أبو شامة ، الروضتين ٢ / ١٤٣.
(٣) العشرين أ د ه : لعشرين ب : ـ ج.
(٤) العساكر أ ب د : العسكر ه : ـ ج.
(٥) بنصره أ : بالنصر ب د ه : ـ ج.
(٦) واستقبلهم أ د ه : فاستقبلهم ب : ـ ج.
(٧) فأبادوهم أ ب د : فبادوهم ه : ـ ج.