ضمة ارتقب بعدها الفتح ، وصدع (١) جمعها ، فإذا هم لا يبصرون على عبودية الحد عن عنق الصفح فراسلوه ببذل قطيعة إلى مدة ، وعقدوا نظرة. (٢) من شدة ، وانتظار النجدة فعرفهم الخادم في لحن القول ، وأجابهم بلسان الطول وقدم المنجنيقات التي تتولى عقوبات الحصون عصيها وحبالها ، وأوتر لهم قسيها التي ترمي ولا تفارقها سهامها ، ولكن تفارق سهامها نصالها ، فصافحت السور ، فإذا سهمها في ثنايا شرفاتها سواك ، وقدم النصر نسرا من المنجنيق يخلد إخلاده إلى الأرض ، ويعلو علوه إلى السماك ، وأناخ (٣) مرابع أبراجها ، وأسمع صوت عجيجها صم أعلاجها ، ورفع المدارع ما بين العنق إلى المرفق مثار عجاجها ، فأخلي السور من السيارة ، والحرب من النظارة ، فأمكن النقاب أن يسفر للحرب النقاب ، وأن يعيد الحجر إلى سيرته الأولى من التراب ، فتقدم إلى الصخرة فمضغ سرده بأنياب معوله ، وحل عقده بضربة الأخرق الدال على لطافة أنمله ، وأسمع الصخرة الشريفة أنينه واستغاثته (٤) إلى أن كادت ترق لمقالته وتبرأ بعض الحجارة من بعض وأخذ الخراب عليه موثقا فلن يبرح الأرض ، وفتح من السور بابا سد من نجاتهم أبوابا ، وأخذ يفت في حجره فقال عنده الكافر : يا ليتني كنت ترابا ، فحينئذ يئس الكفار من أصحاب الدور كما يئس الكفار من أصحاب القبور ، وجاء أمر الله وغرهم بالله الغرور وفي الحال خرج طاغية كفرهم وزمام أمرهم ابن بارزان (٥) سائلا أن يؤخذ البلد بالسلم لا بالعنوة ، وبالأمان لا بالسطوة وألقي بيده إلى التهلكة ، وعلاه ذل الهلكة (٦) بعد عز المملكة ، وطرح جنبه على التراب ، وكان جنبا لا يتعاطاه طارح وبذل مبلغا من القطيعة لا يطمح إليه أمل طامح ، وقال ها هنا أسارى مسلمون يتجاوزون الألوف وقد تعاقد الفرنج على أنه أنى هجمت عليهم الدار ، وحملت الحرب على ظهورهم الأوزار بدىء بهم فعجلوا ، وثنى بنساء الفرنج وأطفالهم فقتلوا ، ثم استقتلوا بعد ذلك فلا يقتل خصم إلا بعد أن ينتصف ، ولا يفك سيف من يد إلا بعد أن تقطع أو ينقصف / / وأشار (٧) الأمراء بأخذ الميسور من البلد المأسور ، فإنه لو أخذ حربا فلا بد أن يقتحم الرجال الأنجاد ، وتبذل نفوسها في آخر أمر قد نيل من أوله المراد ، وكانت
__________________
(١) وصدع أ ج د ه : وصدء ب.
(٢) نظرة ب ج د ه : نظيره أ.
(٣) وأناخ أ : فأناخ ب ج د ه.
(٤) واستغاثته أ ج د ه : باستقالته ب.
(٥) يعني هناBalean ينظر : ابن خلكان ٨ / ١٨٥ ؛ رنسيمان ٦٧٣.
(٦) ذل الهلكة ب ج د ه : ذل الملك أ.
(٧) وأشار أ : فأشار ب ج د ه.