وتكون قضيته مشاكله لقضية يوسف الصديق ، عليهالسلام ، فأرسلهم إليه نور الدين ، فوصل والده إليه في جمادى الآخرة سنة ٥٦٥ ه (١). وسلك مع والده من الأدب ما جرت به عادته ، وألبسه الأمر كله ، فأبى أن يلبسه ، فحكمه في الخزائن كلها (٢). / / وأعطى صلاح الدين أهله الإقطاعات بمصر وتمكن من البلاد وضعف أمر العاضد.
وفي هذه السنة وهي سنة ٥٦٥ ه ، سار الفرنج إلى دمياط (٣) وحاصروها ، وشحنها صلاح الدين بالرجال والسلاح ، فحاصروها برا وبحرا (٤) خمسين يوما (٥) ، وخرج نور الدين فأغار (٦) على بلادهم بالشام فرحلوا عائدين على أعقابهم ولم يظفروا بشيء منها.
وفي سنة ٥٦٦ ه سار صلاح الدين من مصر فغزا بلاد الفرنج (٧) قريب عسقلان والرملة ، وعاد إلى مصر ، ثم خرج إلى أيلة (٨) وحاصرها وهي للفرنج على ساحل البحر الشرقي ، ونقل إليها المراكب ، وحاصرها برا وبحرا ، وفتحها في العشر الأول من ربيع الآخر ، واستباح أهلها وما فيها وعاد إلى مصر ، وعزل قضاة المصريين وكانوا شيعة ، ورتب قضاة شافعية (٩) ، وذلك في العشرين من جمادى الآخرة سنة ٥٦٦ ه (١٠).
ولما دخلت سنة ٥٦٧ ه (١١) أقيمت الخطبة العباسية (١٢) بمصر وقطعت خطبة العاضد لدين الله وانقرضت الدولة العلوية الفاطمية ، وكان سبب الخطبة العباسية
__________________
(١) ٥٦٥ ه / ١١٦٩ م.
(٢) ينظر : ابن شداد ٣٤ ؛ ابن أيوب ٢٤٥.
(٣) دمياط : ميناء مصري على الفرع الشرقي لنهر النيل ، ينظر : الهروي ٤٦ ؛ البكري ٢٦ ؛ ياقوت ، معجم البلدان ٢ / ٥٣٧ ؛ القزويني ١٩٣ ؛ الوطواط ١٣٦ ؛ المقريزي ، الخطط ١ / ٢١٣ ؛ القرماني ٣ / ٣٧٠ ؛ بيكر ، دمياط ٩ / ٢٨٧.
(٤) برا وبحرا أ : ـ ب ج د ه.
(٥) ينظر : ابن الأثير ، التاريخ ١٤٣ ؛ ابن شداد ٥٠ ؛ أبو شامة ، الروضتين ١ / ١٨٠.
(٦) ينظر : أبو شامة ، الروضتين ١ / ١٨٠ ؛ ابن أيوب ٢٤٦ ؛ ابن تغري بردي ، النجوم ٦ / ٧.
(٧) ينظر : ابن أيوب ٢٤٧.
(٨) أيلة : مدينة على ساحل بحر القلزم مما يلي الشام وقيل : هي آخر الحجاز وأول الشام ، ينظر : ياقوت ، معجم البلدان ١ / ٢٩٢.
(٩) ينظر : ابن أيوب ٢٤٧ ؛ أبو شامة ، الروضتين ١ / ١٩١.
(١٠) ٥٦٦ ه / ١١٧٠ م.
(١١) ٥٦٧ ه / ١١٧١ م.
(١٢) ينظر : ابن أيوب ٢٤٧ ؛ أبو شامة ، الروضتين ١ / ١٩٨ ؛ المقريزي ، السلوك ١ / ١٥٠.