.......................................................
____________________________________
فإذا كانوا في زمان الحجّة بل وفي حضوره عليهالسلام يفعلون أمثال هذه فما ظنّك بهم في زمان الغيبة! بل الذي نراه في زماننا أنّه لم يسلم جليل مقدّس وإنْ كان في غاية التقدّس عن قدح جليل فاضل متديّن فما ظنّك بغيرهم ومن غيرهم ـ وقد أشير في أحمد بن محمّد بن نوح ـ حتّى آل الأمر إلى أنّه لو سمعوا من أحد لفظ الرياضة وأمثال ذلك اتّهموه بالتصوّف ، وجمع منهم يكفّرون معظم فقهائنا رحمهمالله بأنّهم يجعلون لأهل السنّة نصيباً من الإسلام ، حتّى أنّ فاضلاً متديّناً ورعاً منهم يعبّر عن مولانا الأحمد الأردبيلي رحمهالله بالكودني المركّل (١) ، مع أنّ تقدّسه أجلّ وأشهر من أنْ يذكر حتّى صار ضرباً للأمثال ، وغيرهم ربما ينسبوا هؤلاء إلى الغلو.
وبالجملة : كلّ منهم يعتقد أمراً أنّه من أصول الدين بحيث يكفّر غير المقرّ به ، بل آل الأمر إلى أنّ المسائل الفروعية غير الضروريّة ربما يكفّرون من جهتها ، والإخباريّون يطعنون على المجتهدين رضوان الله عليهم بتخريب الدين والخروج من طريقة الأئمّة الطاهرين ومتابعة أبي حنيفة وغيره من أهل السنّة ، بل ربما يفسّقون من قرأ كتبهم ، بل وربما يقولون فيهم ما لا يقصر عن التكفير.
ومن هذا يظهر التأمّل في ثبوت الغلو والتفويض واضطراب المذهب
__________________
١ ـ الكَوْدَني المركل : كلمة أعجمية بمعنى البليد أو قليل الفهم أو الأحمق. وفي الصحاح ٦ : ٢١٨٧ : الكَوْدَن : البرذون يُوكَف. ويشبَّه به البليد يقال : ما أبين الكدانة فيه ، أي الهجنة. والركل : الضرب بالرجل الواحدة ، والمركل : الطريق. الصحاح ٤ : ١٧١٣.