وهى الاسم ، والفعل ، والحرف ، فجاء بما يخص الجمع ، وهو الكلم ، وترك ما لا يخصّ الجمع ، وهو الكلام ، فكان ذلك أليق بمعناه ، وأوفق لمراده. فأمّا قول مزاحم العقيلىّ :
لظلّ رهينا خاشع الطّرف حطّه |
|
تخلّب جدوى والكلام الطرائف (١) |
فوصفه بالجمع ، فإنما ذلك وصف على المعنى ، كما حكى أبو الحسن عنهم ، من قولهم : «ذهب به الدينار الحمر والدرهم البيض» وكما قال :
* تراها الضبع أعظمهن رأسا (٢) *
فأعاد الضمير على معنى الجنسية ، لا على لفظ الواحد ، لمّا كانت الضبع هنا جنسا.
وبنو تميم يقولون : كلمة وكلم ، ككسرة وكسر.
فإن قلت : قدّمت فى أوّل كلامك أن الكلام واقع على الجمل دون الآحاد ، وأعطيت هاهنا أنه اسم الجنس ؛ لأن المصدر كذلك حاله ؛ والمصدر يتناول الجنس وآحاده تناولا واحدا. فقد أراك انصرفت عما عقدته على نفسك : من كون الكلام مختصّا بالجمل المركبة ، وأنه لا يقع على الآحاد المجرّدة ، وأن ذلك إنما هو القول ؛ لأنه فيما زعمت يصلح للآحاد ، والمفردات ، وللجمل المركّبات.
قيل : ما قدّمناه صحيح ، وهذا الاعتراض ساقط عنه ، وذلك أنا نقول : لا محالة أن الكلام مختصّ بالجمل ، ونقول مع هذا : إنه جنس أى جنس للجمل ،
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو لمزاحم العقيلىّ فى ديوانه ص ٢٩. ولسان العرب (كلم). وتروى : تحلّب بدلا من : تخلّب. ووصف الكلام بهذا البيت بوصف الجمع أى باعتبار الجنسية فى الكلام فراعى فيه معنى الجنسية فعاد الوصف على المعنى لا على اللفظ كقولهم فيما سيذكره المصنف (ذهب به الدينار الحمر والدرهم البيض) أى جنس الدينار والدرهم. فأعاد الوصف على المعنى لا على اللفظ.
(٢) صدر البيت من الوافر ، وهو لساعدة بن جؤية الهذلى فى شرح أشعار الهذليين ص ٣٢٢ ، ولسان العرب (حرح) ، (جعر) ، (جرهم) ، (حرهم) ، (كلم) ، (منن) ، وتاج العروس (جرهم) ، وللأعلم الهذلى فى تاج العروس (جعر) ، وللهذلى فى تاج العروس (حرح) ، وبلا نسبة فى تهذيب اللغة ١ / ٣٦٢ ، والمخصص ٨ / ٧١ ، ١٦ / ١٧٧. وعجز البيت :
* جراهمة لها حرة وثيل*