الدال الأولى أصلا لتتبع الهاء التى هى أصل. فكما لا يشكّ أن الهاء أصل تبع أصلا ، فكذلك ينبغى أن تكون الدال الأولى أصلا تبعت أصلا ، من حيث تساوت أحوال الأصول الثلاثة ؛ وهى الفاء والعين واللام. فلمّا استوفيت الأصول الثلاثة المقابل بها من (جعفر) الأصول الأول الثلاثة وبقيت هناك بقيّة من الأصل الممثّل ـ وهى اللام الثانية التى هى الراء ـ استؤنفت لها لام ثانية مكررة ، وهى الدال الثانية. نعم وإذا كانت اللام الثانية من الرباعىّ مشابهة بتجاوزها الثلاثة للزائد كان الحرف المكرر الذى هو أحد حرفين أحدهما زائد لا محالة إذا وقع هناك هو الزائد لا محالة.
فهذا كله ـ كما ترى ـ شاهد بقوّة قول يونس.
فأمّا ما يشهد للخليل فأشياء. منها ما جاء من نحو فعوعل ، وفعيعل ، وفعنلل ، وفعاعل ، وفعاعيل ؛ نحو غدودن ، وخفيدد ، وعقنقل ، وزرارق ، وسخاخين (١).
وذلك أنك قد علمت أن هذه المثل التى تكررت فيها العينان إنما يتقدّم على الثانية منهما الزائد لا محالة ؛ أعنى واو فعوعل ، وياء فعيعل ، ونون فعنلل ، وألف فعاعل وفعاعيل. فكما أنهما لمّا اجتمعا فى هذه المثل ما قبل الثانية زائد لا محالة ، فكذلك ينبغى أن يكونا إذا التقيا غير مفصول بينهما فى نحو فعّل ، وفعّل ، وفعّال ، وفعّال ، وفعّيل ، وما كان نحو ذلك : الزائدة منهما أيضا هى الأولى ؛ لوقوعها موقع الزوائد مع التكرير فيهما لا محالة. فكما لا يشكّ فى زيادة ما قبل العين الثانية فى فعوعل ، وبابه ، فكذلك ينبغى ألا يشكّ فى زيادة ما قبل العين الثانية ممّا التقت عيناه ؛ نحو فعّل ، وفعّل ، وبقيّة الباب. وهذا واضح.
فإن عكس عاكس هذا فقال : إن كان هذا شاهدا لقول الخليل عندك كان هو أيضا نفسه شاهدا لقول يونس عند غيرك. وذلك أن له أن يقول : قد رأينا العينين فى بعض المثل إذا التقتا مفصولة إحداهما من الأخرى فإن ما بعد الأولى منهما زائد لا محالة ، ويورد هذه المثل عينها ؛ نحو عثوثل ، وخفيدد ، وعقنقل ، وبقيّة الباب ، فيقول لك : فكما أنّ ما بعد العين الأولى منها زائد لا محالة ، فليكن أيضا ما بعد العين الأولى فى فعّل ، وفعّل ، وبقيّة الباب هو الزائد لا محالة.
__________________
(١) يقال شاب غدودن : ناعم. خفيدد : هو السريع. ماء سخاخين : حارّ.