هذه الصناعة. ووجدت أنا أشياء فى هذا المعنى يشهد بعضها لهذا المذهب ، وبعضها لهذا المذهب. فمما يشهد لقول يونس قول الراجز :
بنى عقيل ماذه الخنافق! |
|
المال هدى ، والنساء طالق (١) |
فالخنافق جمع خنفقيق ، وهى الداهية. ولن تخلو القاف المحذوفة أن تكون الأولى أو الثانية ؛ فيبعد أن تكون الأولى ؛ لأنه لو حذفها لصار التقدير به فى الواحد إلى (خنفيق) ولو وصل إلى ذاك لوقعت الياء رابعة فيما عدّته خمسة ، وهذا موضع يثبت فيه حرف اللين بل يجتلب إليه تعويضا أو إشباعا. فكان يجب على هذا خنافيق. فلمّا لم يكن كذلك علمت أنه إنما حذف القاف الثانية فبقى (خنفقى) فلمّا وقعت الياء خامسة حذفت فبقى (خنفق) فقيل فى تكسيره خنافق.
فإن قلت : ما أنكرت أن يكون حذف القاف الأولى فبقى (خنفيق) وكان قياس تكسيره خنافيق ؛ غير أنه اضطرّ إلى حذف الياء ؛ كضرورته إلى حذفها فى قوله :
* والبكرات الفسّج العطامسا (٢) *
قيل : الظاهر غير هذا ، وإنما العمل على الظاهر لا على المحتمل. فإذا صحّ أنه إنما حذف الثانية علمت أنها هى الزائدة دون الأولى. ففى هذا بيان وتقوية لقول يونس.
ويقوّى قوله أيضا أنهم لمّا ألحقوا الثلاثة بالأربعة فقالوا مهدد ، وجلبب ، بدءوا باستعمال الأصلين ، وهما الميم ، والهاء ، والجيم واللام ، فهذان أصلان لا محالة.
فكما تبعت الهاء الميم والهاء أصل كما أن الميم أصل ، فكذلك يجب أن تكون
__________________
(١) «والنساء طالق» ، كذا بإفراد الخبر ، وكأنه ذهب إلى أنه يريد : كل امرأة طالق. ولو قال : والنساء طوالق ؛ لاستغنى عن هذا.
(٢) الرجز لغيلان بن حريث الربعى فى شرح شواهد الإيضاح ص ٥٩٨ ، والكتاب ٣ / ٤٤٥ ، والدرر ٦ / ٢٤٣ ، ولسان العرب (ظبظب) ، (فسج) (وعع) ، (صرف) ، (حمم) ، (غنم) ، (دهده) ، (عدا) ، والمحتسب ١ / ٩٤ ، ٣٠٠ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٥٧ ، وتاج العروس (فسج) ، والمخصص (٤ / ٤٧ ، ٧ / ٦١ ، ١٣٨). البكرات جمع البكرة وهى الناقة الفتية. والفسّج : جمع فاسج وهى الحائل السمينة. والعطامس : جمع العطيموس ، وهى الناقة الحسناء ، والقياس العطاميس ؛ فحذف الياء. انظر اللسان (عطمس).