فالجواب أنّ هذه الأحرف الزوائد فى فعوعل ، وفعيعل ، [وفعنلل] وبقيّة الباب أشبه بالعين الأولى منها بالعين الآخرة ، وذلك لسكونها ، كما أن العينين إذا التقتا فالأولى منهما ساكنة لا غير ؛ نحو فعّل ، وفعّل ، وفعّيل وبقيّة الباب. ولا نعرف فى الكلام عينين التقتا والأولى منهما متحركة ؛ ألا ترى أنك لا تجد فى الكلام نحو فععل ، ولا فععل ، ولا فععل ولا شيئا من هذا الضرب لم نذكره. فإذا كان كذلك علمت أن واو (فعوعل) لسكونها أشبه بعين (فعّل) الأولى لسكونها أيضا منها بعينها الثانية لحركتها ، فاعرف ذلك فرقا ظاهرا.
ومنها أن أهل الحجاز يقولون للصوّاغ : الصّيّاغ ، فيما رويناه عن الفرّاء ؛ وفى ذلك دلالة على ما نحن بسبيله. ووجه الاستدلال منه أنهم كرهوا التقاء الواوين ـ لا سيّما فيما كثر استعماله ـ فأبدلوا الأولى من العينين ياء ـ كما قالوا فى أمّا : (أيما) ونحو ذلك ـ فصار تقديره : الصّيواغ ، فلما التقت الواو والياء على هذا أبدلوا الواو للياء قبلها ، فقالوا (الصّيّاغ). فإبدالهم العين الأولى من الصوّاغ دليل على أنها هى الزائدة ؛ لأن الإعلال بالزائد أولى منه بالأصل.
فإن قلت : فقد قلبت العين الثانية أيضا فقلت (صيّاغ) فلسنا نراك إلا وقد أعللت العينين جميعا ، فمن جعلك بأن تجعل الأولى هى الزائدة دون الآخرة ، وقد انقلبتا جميعا؟
قيل قلب الثانية لا يستنكر ؛ لأنه كان عن وجوب (وذلك) لوقوع الياء ساكنة قبلها ، فهذا غير بعيد ولا معتذر منه ؛ لكن قلب الأولى ـ وليس هناك علّة تضطرّ إلى إبدالها أكثر من الاستخفاف مجرّدا ـ هو المعتدّ المستنكر المعوّل عليه المحتجّ به ، فلذلك اعتمدناه ، وأنشأنا الاحتجاج للخليل عنه ؛ إذ كان تلعّبا بالحرف من غير قوّة سبب ، ولا وجوب علّة. فأمّا ما يقوى سببه ويتمكّن حال الداعى إليه فلا عجب منه ، ولا عصمة للحرف ـ وإن كان أصليّا ـ دونه. وإذا كان الحرف زائدا كان بالتلعّب به قمنا.
واذكر قول الخليل وسيبويه فى باب مقول ومبيع ، و [أن] الزائد عندهما هو المحذوف ، أعنى واو مفعول ؛ من حيث كان الزائد أولى بالإعلال من الأصل.
فإن قلت : فما أنكرت أن يكونوا إنما أبدلوا العين الثانية فى صوّاغ دون