ووفق ما ورد في الرّوايات ، فقد صعد يونس عليهالسلام إلى السفينة ، ثمّ إنّ حوتا ضخما وقف أمام السفينة ، فاتحا فمه وكأنّه يطلب الطعام ، فقال ركاب السفينة أنّ هناك شخصا مذنبا معنا يجب أن يكون طعام هذا الحوت ، ولم يجدوا سبيلا سوى الاقتراع لتحديد الشخص الذي يرمى للحوت ، وعند ما اقترعوا خرج اسم يونس ، وطبقا للرواية فإنّهم اقترعوا ثلاث مرّات وفي كلّ مرّة كان يخرج اسم يونس عليهالسلام ، فأمسكوا بيونس وقذفوه في فم الحوت العظيم ، وقد أشار القرآن المجيد في آية قصيرة إلى هذه الحادثة ، قال تعالى : (فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ).
«ساهم» في مادّة (سهم) وتعني اشتراكه في الاقتراع ، فالاقتراع تمّ على ظهر السفينة بالشكل التالي ، كتبوا اسم كلّ راكب على (سهم) ثمّ خلطوا الأسهم وسحبوا سهما واحدا ، فخرج السهم الذي يحمل اسم يونس عليهالسلام.
(مدحض) مشتقّة من (دحض) وتعني إبطال مفعول الشيء أو إزالته أو التغلّب عليه ، والمراد هنا أنّ اسمه ظهر في عملية الاقتراع من بين بقيّة الأسماء.
وورد بهذا الشأن تفسير آخر يقول : إنّ إعصارا هبّ في البحر عرض السفينة ومن فيها من الرّكاب للخطر بسبب ثقل حمولتها ، ولم يكن لهم سبيل للنجاة سوى تخفيف وزن السفينة من خلال إلقاء بعض ركّابها في وسط البحر ، وعند ما اقترعوا على من يرمونه في الماء خرج اسم يونس ، وبعد رميه في البحر ابتلعه حوت عظيم.
وقال القرآن الكريم : (فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ) أي إنّ حوتا عظيما التقمه وهو مستحقّ للملامة.
«التقم» مشتقّة من (الالتقام) وتعني (البلع).
(مليم) من مادّة (لوم) وتعني التوبيخ والعتب (وعند ما تأتي بصفة الفعل فإنّها تعطي معنى استحقاق الملامة).
ومن المسلّم أنّ هذه الملامة لم تكن بسبب ارتكابه ذنبا كبيرا أو صغيرا وإنّما