٢ ـ نيران الأنانية والغرور تحرق رأسمال الوجود
من الأمور الحسّاسة جدّا التي تلفت النظر في قضيّة طرد إبليس من رحمة الله ، هو مدى تأثير عاملي الأنانية والغرور على سقوط وتعاسة الإنسان ، إذ يمكن القول بأنّهما من أهمّ وأخطر عوامل الانحراف. وقد تسبّبا ـ في لحظة واحدة ـ في هدم عبادة ستّة آلاف سنة ، وإنّهما كانا السبب وراء تدنّي موجود كان في صفّ ملائكة السماء الكبار إلى أدنى درجات الشقاء ، ويستحقّ لعنة الله الأبدية.
الأنانية والغرور يحجبان الحقيقة عن بصر الإنسان ، فالأنانية مصدر الحسد ، والحسد مصدر العداوة والبغضاء ، والعداوة والبغضاء سبب إراقة الدماء وارتكاب الجرائم.
الأنانية تدفع الإنسان إلى الاستمرار في ارتكاب الخطأ ، وتحبط ـ في نفس الوقت ـ مفعول أيّ عامل للصحوة من الغفلة ، أي تحوّل بين ذلك العامل وبين الإنسان.
الأنانية والعناد يسلبان فرصة التوبة وإصلاح الذات من الإنسان ، ويغلقان أمامه كلّ أبواب النجاة ، وخلاصة الأمر فإنّ كلّ ما نقوله حول خطر هذه الصفات القبيحة والمذمومة يعدّ قليلا.
وكم هو جميل قول أمير المؤمنين عليهالسلام : «فعدو الله إمام المتعصّبين ، وسلف المستكبرين ، الذي وضع أساس العصبية ، ونازع الله رداء الجبرية ، وادّرع لباس التعزّز ، وخلع قناع التذلّل ألا ترون كيف صغّره الله بتكبّره؟ ووضعه بترفّعه؟ فجعله في الدنيا مدحورا ، وأعدّ له في الآخرة سعيرا». (١)
* * *
__________________
(١) نهج البلاغة ، الخطبة ١٩٢ المعروفة بالقاصعة.