وكيفيّة هذه التكبيرات هي : (الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلّا الله ، والله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد ، الله أكبر على ما هدانا). فعند ما نقارن بين هذا الأمر والحديث الذي ذكرناه سابقا ، تتّضح حقيقة هذه التكبيرات ، وهي أنّها مجموع تكبيرات جبرئيل وإسماعيل ووالده إبراهيم ، وشيء أضيف إليه.
وبعبارة اخرى فإنّ هذه العبارات تحيي في الأذهان خاطرة انتصار إبراهيم وابنه إسماعيل في الامتحان الكبير ، وتعطي العبر لكلّ المسلمين ، سواء كانوا في منى أو في غيرها.
وقد اتّضح من الروايات الإسلامية أنّ سبب تسمية أرض (منى) بهذا الاسم ، إنّما يعود إلى أنّ إبراهيم عند ما وصل إلى هذه الأرض ، بعد ما اجتاز ـ بنجاح ـ الامتحان الصعب ، نزل عليه جبرئيل وقال له : اطلب ما شئت من ربّ العالمين ، فتمنّى من الله أن يأمره بذبح كبش فدية عن ابنه إسماعيل ، وقد تحقّقت أمنيته هذه (١).
٦ ـ الحجّ عبادة مهمّة تبني الإنسان :
السفر للحجّ ـ في الحقيقة ـ هو سفر عظيم ، إذ أنّه سفر إلهي ، وساحة واسعة لبناء النفس والجهاد الأكبر.
مراسم الحجّ توضّح ـ في الواقع ـ عبادة ممزوجة ـ بصورة عميقة ـ بخاطرات جهاد إبراهيم وابنه إسماعيل وزوجته هاجر ، فلو أغفلنا عن هذه النقطة أثناء مطالعتنا الأمور الخاصّة بأسرار الحجّ ، فإنّ الكثير من مراسمه ستبدو لنا كألغاز ، نعم إنّ مفتاح حلّ هذه الألغاز هو الأخذ بنظر الإعتبار ذلك الامتزاج العميق.
فعند ما نأتي إلى مكان ذبح الأضاحي في أرضي (منى) نتعجّب لأيّ شيء تذبح هذه الأضاحي؟ فهل أنّ ذبح الحيوان يمكن أنّ يكون حلقة من مجموعة حلقات
__________________
(١) تفسير نور الثقلين ، المجلّد ٤ ، الصفحة ٤٢٠ ، الحديث ٦٨.