سؤال مهمّ :
وهنا يطرح السؤال التالي ، وهو : إن كانت مشيئة الباري عزوجل وإرادته تقضي بتقديم يد العون للأنبياء ونصرة المؤمنين ، فلم نشاهد استشهاد الأنبياء على طول تأريخ الحوادث البشرية ، وانهزام المؤمنين في بعض الأحيان؟ فإن كانت هذه سنّة إلهيّة لا تقبل الخطأ ، فلم هذه الاستثناءات؟
ونجيب على هذا السؤال بالقول :
أوّلا : إنّ الإنتصار له معان واسعة ، ولا يعطي في كلّ الأحيان معنى الإنتصار الظاهري والجسماني على العدو ، فأحيانا يعني انتصار المبدأ ، وهذا هو أهمّ انتصار ، فلو فرضنا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان قد استشهد في إحدى الغزوات ، وشريعته عمّت العالم كلّه ، فهل يمكن أن نعبّر عن هذه الشهادة بالهزيمة.
وهناك مثال أوضح وهو الحسين عليهالسلام وأصحابه الكرام حيث استشهدوا على أرض كربلاء ، وكان هدفهم العمل على فضح بني اميّة ، الذين ادّعوا أنّهم خلفاء الرّسول ، وكانوا في حقيقة الأمر يعملون ويسعون إلى إعادة المجتمع الإسلامي إلى عصر الجاهلية ، وقد تحقّق هذا الهدف الكبير ، وأدّى استشهادهم إلى توعية المسلمين إزاء خطر بني اميّة وإنقاذ الإسلام من خطر السقوط والضياع ، فهل يمكن هنا القول بأنّ الحسين عليهالسلام وأصحابه الكرام خسروا المعركة في كربلاء؟
المهمّ هنا أنّ الأنبياء وجنود الله ـ أي المؤمنون ـ تمكّنوا من نشر أهدافهم في الدنيا واتّبعهم أناس كثيرون ، وما زالوا يواصلون نشر مبادئهم وأفكارهم رغم الجهود المستمرّة والمنسّقة لأعداء الحقّ ضدّهم.
وهناك نوع آخر من الإنتصار ، وهو الإنتصار المرحلي على العدو ، والذي قد يتحقّق بعد قرون من بدء الصراع ، فأحيانا يدخل جيل معركة ما ولا يحقّق فيها أي انتصار ، فتأتي الأجيال من بعده وتواصل القتال فتنتصر ، كالانتصار الذي حقّقه المسلمون في النهاية على الصليبيين في المعارك التي دامت قرابة القرنين ، وهذا