النار من الخشب الطري والرطب يتمّ بصعوبة بالغة ، فكم كان جميلا لو عبّر عوضا عن ذلك «بالشجر اليابس» ، لكي ينسجم مع المعنى تماما!!؟
النكتة هنا هو أنّ الشجر الأخضر الحي فقط يستطيع القيام بعملية التركيب الضوئي ، وادّخار نور الشمس وحرارتها ، وأمّا الجذوع اليابسة للشجر لو بقيت مئات السنين متعرّضة للشمس فإنّها لن تستطيع زيادة الذخيرة الموجودة فيها.
وبناء عليه فإنّ (الشجر الأخضر) فقط يستطيع أن يصنع وقودا لنا ، ويمكنه الاحتفاظ وادّخار الحرارة والنور وزيادتها بصورة محوّرة ، ولكنّها بمحض جفافها ، فإنّ عملية التركيب الضوئي تتوقّف ، وتتعطّل معها عملية ادّخار الطاقة الشمسية.
وبناء على هذا فإنّ التعبير أعلاه ، يعتبر تجسيدا جميلا لعملية «انبعاث الطاقات» ومعجزة علمية خالدة للقرآن الكريم! ..
فضلا عن أنّنا إذا رجعنا إلى التّفسيرات الاخرى التي أشرنا إليها سابقا ، يبقى أيضا التعبير بـ «الشجر الأخضر» جميلا ومناسبا ، إذ أنّ الأشجار الخضراء عند احتكاكها ببعضها البعض تولّد شرارة تستطيع أن تكون مبعث نار كبيرة ، وهنا نقف إزاء عظمة قدرة الله في حفظه النار في قلب الماء ، والماء في قلب النار (١).
٢ ـ الفرق بين الوقود والوقود :
«توقدون» من «وقود» ـ على زنة قبور ـ بمعنى اشتعال النار ـ و «الإيقاد» بمعنى إشعال النار ، و «الوقود» ـ على زنة ثمود ـ بمعنى الحطب المعدّ للإحراق.
وعليه فإنّ جملة (فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ) إشارة إلى الحطب الذي تشتعل فيه النار ، لا ما تبدأ به النار بالاشتعال كالزناد أو عود الكبريت.
وبناء عليه فإنّ القرآن الكريم يقول : «إنّ الله سبحانه وتعالى جعل لكم من
__________________
(١) إذا اعتبرنا «من» في جملة «منه توقدون» بمعنى «به» فإنّ ذلك يتساوق مع التّفسيرات الاخرى.