البلاء من كلّ جانب (١).
لكن سياق آيات بحثنا هذا يختلف مع ما هي عليه آيات سورة الكهف ، ويبيّن وجود فارق بين الحادثتين.
ويرى البعض الآخر : إنّها تخصّ شخصين شريكين أو صديقين كانا يمتلكان ثروة كبيرة ، أحدهما كان ينفق بسخاء في سبيل الله ، أمّا الثاني الذي كان لا يؤمن بشيء ـ فقد امتنع عن الإنفاق ، وبعد مدّة من الزمن أصيب المنفق بفاقة مالية ، وتعرّض لاستهزاء صديقه ، والذي قال له بلغة السخرية ، (أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ) (٢).
فإن كانت أسباب النّزول تخصّ هذه الحادثة ، إذا علينا قراءة كلمة (مصدّقين) بتشديد (الصاد) والتي تعني هنا دفع الصدقة والإنفاق.
في حين أنّ المشهور بين القرّاء قراءة كلمة (مصدّقين) بدون تشديد (الصاد) وعلى هذا فإنّ سبب النّزول الآنف الذكر لا يتلاءم والقراءة المشهورة.
٣ ـ لنيل مثل هذه النعم علينا المثابرة
هل من الصحيح أن يصرف الإنسان رأس مال عمره والقابليات الاخرى والعطايا الإلهية في موارد هي كالفقاعات التي لا تدوم سوى لحظات فوق الماء؟ متاع بخس غير دائم ، متاع مليء بالآفات والمشاكل!!.
أو يستثمر هذه القوى العظيمة في مجال يؤدّي إلى حياة خالدة ونعم دائمة ، ومرضاة الله سبحانه وتعالى؟
فما أجمل التعبير الذي صاغته الآيات القرآنية المذكورة أعلاه ، عند ما دعت المؤمنين إلى هذا الهدف ، أي نيل الجنان المملوءة بالملذّات الروحية والجسمية ـ
__________________
(١) تفسير فخر الرازي ، المجلّد ٢٦ ، الصفحة ١٣٩.
(٢) روح المعاني ، المجلّد ٢٣ ، الصفحة ٨٣.