كلمة (نزل) تعني الشيء الذي يهيّأ لورود الضيف فيقدّم إليه إذا ورد ، والبعض الآخر قال : إنّها تعني الشيء الأوّل الذي يقدّم للضيف حين وروده ، وهذه إشارة إلى النعم المهيئة لورود الضيوف الأعزّاء والمحترمين إلى الجنّة.
والقرآن الكريم يقول : أذلك خير أم شجرة الزقوم؟ ولفظة (خير) ليست دليلا على أنّ شجرة الزقّوم شيء جيّد ، والنعم التي أعدّها الله سبحانه وتعالى لأهل الجنّة أجود ، إذ أنّ مثل هذه الألفاظ تستخدم أحيانا في لغة العرب بشأن بعض الأشياء التي لا فائدة فيها أبدا ، ويحتمل بأنّها نوع من الكناية ، ومثلها كمثل شخص غارق بالذنوب وقد فضح أمام الناس ، وهم يقولون له : هل هذه الفضيحة خير ، أم الفخر والعزّة والشرف؟
وأمّا «زقّوم» فقد قال أهل اللغة : إنّه اسم نبات مرّ وذي طعم ورائحة كريهة (١).
فيما قال بعض المفسّرين : إنّه اسم نبات يحمل أوراقا صغيرة مرّة وكريهة الرائحة وهو موجود في أرض تهامة ، وكان يعرفه المشركون (٢). وأضاف صاحب تفسير (روح المعاني) أنّ لهذا النبات لبن إذا أصاب جسد إنسان تورّم (٣).
وقال الراغب في (مفرداته) : الزقوم هو كلّ غذاء يثير اشمئزاز أهل جهنم.
وقال صاحب كتاب (لسان العرب) : هذا اللفظ يأتي أساسا بمعنى بلع الشيء ، ويضيف : عند ما نزلت هذه الآية قال أبو جهل ، لا توجد مثل هذه الشجرة في أرضنا ، فمن منكم يعرف معنى زقّوم؟
وهنا أجابه شخص من أفريقيا قائلا : الزقّوم بلغة أهل أفريقيا تعني الزبد والتمر ، وفور ما سمع أبو جهل بجواب الأفريقي ، نادى جاريته ، وقال لها باستهزاء : زقمّينا بمقدار من التمر والزبد. فكانوا يأكلون ويسخرون ويقولون : إنّ محمّد يخوّفنا من
__________________
(١) مجمع البحرين ، مادّة (زقم).
(٢) تفسير روح المعاني ، المجلّد ٧ ، الصفحة ٤٦٤.
(٣) روح المعاني ، المجلّد ٢٣ ، الصفحة ٨٥.