يتذاكرون في كلّ شيء ، فمرّة تراهم يتحدّثون عن ماضيهم في الدنيا ، واخرى عن النعم العظيمة التي أغدقها عليهم الباري عزوجل في الآخرة ، وأحيانا يستعرضون صفات الجمال والجلال عند الله ، وفي أوقات يتحدّثون عن مقام الأولياء وكراماتهم ، ويتذاكرون قضايا اخرى قد لا ندركها نحن المسجونون في هذه الدنيا.
«سرر» هي جمع (سرير) وهي الأسرة التي يجلس عليها الناس في مجالس سمرهم ، كما أنّ لهذه الكلمة معان أوسع ، حتّى أنّها تطلق أحيانا على تابوت الميّت ، ويحتمل أن يكون إطلاق هذه التسمية على تابوت الميّت برجاء أن يكون التابوت مركب بهجة يسير به إلى الرحمة الإلهية وجنّة الخلد.
أمّا القسم الخامس فيتحدّث عن نعمة اخرى من النعم التي تغدق على أهل الجنّة ، إذ تطرّق إلى الشراب الطهور الذي يطاف به عليهم بكؤوس مملوءة بأنواع الخمور الطاهرة ، ومتى ما أرادوا فإنّهم يسقون من ذلك الخمر ليغرقوا في عالم من النشاط والروحية (يُطافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ).
وهذه الكؤوس ليست في مكان معيّن يذهبون إليها لأخذها ، وإنّما يطاف بها عليهم (يُطافُ عَلَيْهِمْ).
كلمة (كأس) يطلقها أهل اللغة على إناء الشراب المملوء ، فيما يطلقون كلمة (قدح) عليه إن كان خاليا ، وقال الراغب في مفرداته : الكأس الإناء بما فيه من الشراب.
أمّا كلمة (معين) مشتقّة من (معن) على وزن (صحن) وتعني الجاري ، إشارة إلى أنّ هناك عيونا جارية من الخمر الطاهر ، تملأ منها ـ في كلّ لحظة ـ الكؤوس ، ومن ثمّ يطاف بها على أهل الجنّة ، وهذه العيون الجارية من الخمر الطاهر لا تنضب ولا تفسد ، إضافة إلى أنّ الحصول عليها لا يحتاج إلى أي مشقّة أو تعب.
ثمّ ينتقل الحديث إلى وصف كؤوس الشراب ، إذ يقول : إنّها بيضاء اللون