تلك الأسباب بشكل غير متوقع فكان النصر ، وهو ما لا يمكن حمله على المصادفة والاتفاق فبناء على ذلك فإن صدق الآيات التي نزلت على النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في ذلك اليوم كان كامنا في الآيات نفسها.
ثانيا : إنّ المعركة في بدر : «يوم التقى الجمعان» كانت في الواقع إحدى النعم الإلهية الكبرى على المسلمين ، لإنّ بعضهم كان يخشاها في البداية ، لكن تلك المواجهة والنصر دفعا بهم خطوات كبيرة نحو الأمام ، إذ بلغ صداهم واشتهارهم بذلك أنحاء الجزيرة العربية ، ودعا الجميع للتفكّر في هذا الدين الجديد وقدرته المذهلة وكان ذلك اليوم يوما شديدا على الأمّة الإسلامية القليلة آنئذ ، حيث امتاز به المؤمنون الصادقون عن المدعين الكاذبين ، فكان ذلك اليوم بكل جوانبه يوم الفرقان بين الحق والباطل.
٢ ـ ذكرنا في بداية السورة عدم وجود تضادّ بين آية الأنفال وهذه الآية ، ولا موجب الإعتبار إحداهما ناسخة للأخرى ، لأنّه بمقتضى آية الأنفال فإنّ الغنائم الحربية هي للنّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، إلّا أنّه وهب أربعة أخماسها للمقاتلين المسلمين ، وادخر الخمس المتبقي للموارد التي ذكرتها الآية «ولمزيد الإيضاح راجع بحثنا في تفسير الآية الأولى من هذه السورة».
٣ ـ ما هو المراد من ذي القربي؟
ليس المراد في هذه الآية الأقرباء كلّهم ولا أقرباء النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم جميعا ، بل هم الأئمّة من أهل البيت عليهمالسلام ، والدليل على هذا الأمر هو الرّوايات المتواترة التي وردت عن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عن طرق أهل البيت (١) ، وتوجد أدلة أخرى على ذلك في كتب أهل السنة.
__________________
(١) يراجع كتاب وسائل الشيعة ، ج ٦ ، باب الخمس.