إبليس هذا الرأي ، وكان قد جاءهم في صورة شيخ كبير من أهل نجد ، وخطّأ الأولّين.
فاتفقوا على هذا الرأي وأعدّو الرجال والسلاح وجاء جبرئيل عليهالسلام فأخبر النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فخرج إلى الغار وأمر عليّا فبات على فراشه ، فلمّا أصبحوا وفتشوا عن الفراش ، وجدوا عليّا عليهالسلام وقد ردّ الله مكرهم فقالوا : أين محمّد؟ فقال : لا أدري ، فاقتصّوا أثره وأرسلوا في طلبه ، فلمّا بلغوا الجبل ومرّوا بالغار رأوا على بابه نسج العنكبوت ، فقالوا : لو كان هاهنا لم يكن نسج العنكبوت على بابه فمكث فيه ثلاثا ثمّ قدم المدينة» (١).
التّفسير
سرّ بداية الهجرة :
يعتقد بعض المفسّرين أنّ هذه الآية ، وخمس آيات تليها ، نزلت في مكّة لأنّها تشير إلى هجرة النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولكن سياقها يدل على نزولها بعد الهجرة ، إذ تتكلم على حادثة سابقة.
فبناء على ذلك تكون هذه الآية قد نزلت في المدينة بالرغم من حديثها عن هجرة النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فتحدث عن الذكرى الكبرى والنعمة العظمى التي منّ الله بها على النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والمسلمين ، فتقول في بدايتها (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ).
كلمة «المكر» كما ذكرنا سلفا تعني في اللغة التدبير والتخطيط والحيلة.
ثمّ تضيف الآية قائلة : (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ).
فإذا أمعنّا النظر في موضوع هجرة النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فإنّنا سنجد أنّ المشركين قد بذلوا كل ما في وسعهم وجهدهم من طاقات فكرية وجسدية للقضاء على نبيّ
__________________
(١) الدر المنثور وفقا لما نقل عنه صاحب المنار ، ومجمع البيان ذيل الآية.