التوحيد الخالص ، فإنّما هو لأن جميع صفاته ترجع إلى ذاته المقدسة.
ويشير الفخر الرازي في تفسيره إلى أمر قابل للملاحظة ، وهو أنّ جميع صفات الله تعالى يعود إلى إحدى حقيقتين «استغناء ذاته عن كل شيء» أو «احتياج الآخرين إلى ذاته المقدسة ...» (١).
٢ ـ الأمّة الهداة!
قرأنا في الآيات محل البحث أنّ طائفة من عباد الله يدعون نحو الحق ويحكمون به (وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ).
هناك تعبيرات مختلفة في الرّوايات الواردة في كتب الأحاديث الإسلامية ، في المراد من هذه الأمّة. ومن جملة هذه الرّوايات ما ورد عن أمير المؤمنين أنّه قال عليهالسلام. المراد من الآية هو «أمّة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم» (٢).
ويعني الإمام بهم أتباع النّبي الصادقين المنزّهين عن كل بدعة وانحراف وتغيير أو حياد من تعاليمه الكريمة ... ولهذا فقد ورد في حديث آخر عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «والذي نفسي بيده لتفرقن هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلّها في النّار إلّا فرقة (وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) ، وهذه التي تنجو من هذه الأمّة».
ولعل العدد ـ ٧٣ ـ للكثرة ، وهو إشارة إلى الطوائف المختلفة التي ظهرت في طول تاريخ الإسلام في عقائد عجيبة غريبة ، ولحسن الحظ قد انقرض أغلبها فلم يبق منها إلّا أسماؤها في كتب «تاريخ العقائد».
وفي حديث آخر ورد في كتب أهل السنة عن الإمام علي عليهالسلام ضمن إشارته لاختلاف الأمم التي تظهر بعدئذ في الأمّة الإسلامية ، أن قال عليهالسلام «الفرقة الناجية
__________________
(١) تفسير الفخر الرازي ، ج ١٥ ، ص ٦٦.
(٢) نور الثقلين ، ج ٢ ، ص ١٠٥.